رفع النقيضين وجمعهما ممتنع

قال المصنف رحمه الله: [فمن قال: لا هو مباين للعالم، ولا مداخل للعالم، فهو بمنزلة من قال: لا هو قائم بنفسه ولا بغيره، ولا قديم ولا محدث، ولا متقدم على العالم ولا مقارن له].

وذلك لأن هذا من باب رفع النقيضين، وهي جملة: لا هو مباين للعالم -أي: منفك عنه وخارج عنه- ولا هو داخل العالم.

وهذه من طرق إثبات العلو بالعقل، أن يقال: إن رفع النقيضين ممتنع، وإن جمعهما ممتنع، فإما أن يكون الخالق سبحانه وتعالى داخل العالم، وإما أن يكون خارجه.

ولا شك أن الله سبحانه وتعالى يمتنع أن يكون داخل خلقه، فلزم أن يكون خارجاً عن خلقه، وإن كان خارجاً فإما أن يكون موصوفاً بالعلو على الخلق، أو بعلو الخلق عليه، أو محايدتهم له، ولا شك أن علو الخلق عليه أو محايدتهم له من باب النقص، إذاً لابد أن يكون موصوفاً بالعلو؛ لأن ذلك من تمام كماله سبحانه.

وقد يقول قائل: هل نحن بحاجة إلى مثل هذا الاستدلال على إثبات العلو مثلاً؟

فنقول: نعم، فإنه لما ظهر قوم ينفون العلو ويقولون: إنه لا داخل العالم ولا خارجه، احتيج لمثل هذا الكلام وهذا الدليل العقلي على إثبات علو الله سبحانه وتعالى، وقد استدل به الإمام أحمد رحمه الله في بعض مناظراته، وذكره أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب في كتاب الصفات في ذكره لمسألة العلو، وذكره أبو الحسن الأشعري، فهو من أدلة المثبتين للعلو من أئمة أهل السنة والمنتسبين إليها من أعيان المتكلمين المائلين إلى السنة والجماعة؛ كـ أبي محمد ابن كلاب، وأبي الحسن الأشعري وأمثالهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015