قال المصنف رحمه الله: [وإذا تأملت ذلك وجدت كل نفي لا يستلزم ثبوتاً هو مما لم يصف الله به نفسه، فالذين لا يصفونه إلا بالسلوب لم يثبتوا في الحقيقة إلهاً محموداً؛ بل ولا موجوداً].
الذين لا يصفون الله تعالى إلا بالسلوب المحضة التي لا تتضمن أمراً ثبوتياً، يقول عنهم المصنف: هؤلاء لم يصيبوا القرآن لا في مجمله، كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] ولا في مفصله، كقوله تعالى: (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ)؛ لأن كل نفي في القرآن فإنه تضمن إثباتاً، سواء كان هذا الإثبات إثباتاً مفصلاً، أو إثباتاً مجملاً؛ بل حتى المجمل من النفي، كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] فإنه يتضمن التنزيه ويتضمن إثبات الكمال؛ لأن الله تعالى لم يقل: ليس كخلقه شيء؛ بل قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] وهذا مما يختص به عن غيره، فكذلك قال: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)، سواء كان هذا الشيء مخلوقاً قائماً، أم مخلوقاً غائباً عن المشاهدة، أم كان معلوماً ولكنه ممكن، أم كان متخيلاً، أم كان ممتنعاً، فكل ما يعرض عن غير مقامه سبحانه وتعالى فهو داخل في هذا النفي، ولذلك يكون النص -كما سبق- محقق للإثبات كما أنه محقق للتنزيه.
والذين يصفون الله تعالى بالسلوب المحض هم المتفلسفة كـ ابن سينا وأمثاله.