قال رحمه الله: [وكذلك قوله: (وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا) أي: لا يكرثه ولا يثقله، وذلك مستلزم لكمال قدرته وتمامها، بخلاف المخلوق القادر إذا كان يقدر على الشيء بنوع كلفة ومشقة، فإن هذا نقص في قدرته، وعيب في قوته].
وهذا من الفروق بين صفة المخلوق وصفة الخالق وإن اشتركا في الاسم، فإن القدرة في أصلها صفة كمال، لكن كل ما أُضيف إلى المخلوق من الصفات فلا بد أن يكون ناقصاً؛ لأن المخلوق ناقص أصلاً، والصفة تبع لموصوفها، فإن المخلوق ممكن، وصفته تكون ممكنة، والإمكان نفسه يكون نقصاً.
وقد يقول قائل: كيف نسلسل مسألة النقص على صفة المخلوقين؟ فيقال: إن النقص يلحقها من أوجه، لكن هناك وجه عام في كون صفات المخلوقين فيها نقص، وهو: أن كل ما فُرض من صفات المخلوقين فهو ممكن، وهذه القاعدة العامة من النقص مطردة في سائر صفاتهم، فإنه يقال: إن العلم المضاف إلى المخلوقين -الذي يكتسبونه ويحصلونه- علم ناقص، فهو علم ممكن وليس علماً واجباً، ولذلك فضل الله سبحانه وتعالى رسله عليهم الصلاة والسلام بأن علمهم ليس من باب الاكتساب الذهني والتتبع، كما يحصل لغيرهم من أتباعهم أو من غير أتباعهم، إنما علمهم من باب الوحي الذي أوحى الله به إليهم.