قال المصنف رحمه الله: [ويتبين هذا بأصلين شريفين، وبمثلين مضروبين -ولله المثل الأعلى- وبخاتمة جامعة].
هذان الأصلان يقال فيهما: إنهما الدليل العقلي المبني على الكليات العقلية المجردة القطعية، وأما المثلان: فهما دليلان عقليان مبنيان على الاطراد الحسي الدال على القطع، وقد سبق أن الدليل العقلي يكون قطيعاً إذا بني على المقدمات الضرورية في حكم العقل.
فمثلاً: من المقدمات العقلية الضرورية: أن النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان، هذه قضية عقلية قطعية ضرورية، ولا تحتاج أن تستعمل لها قياسات حسية؛ لأنه لا يوجد في الحس أصلاً أن النقيضين يجتمعان أو لا يجتمعان، فإذا قيل لأحد: أثبت أن النقيضين لا يجتمعان، قيل: المقصود هو النفي، فكيف تطالب بالإثبات؟!
إذاً: الأصلان فيهما تقرير بدليل عقلي مبني على النظر العقلي المجرد عن الاطرادات الحسية، أو عن المعطيات الحسية، وأما المثلان فهما مبنيان على المعطيات الحسية، أو على الأمثلة الحسية المطردة والقاضية بالقطع أيضاً، فيكون الدليل العقلي قطعي من جهتين: من جهة اطراده الحسي، ومن جهة ضرورته المجردة العقلية.
ومقصود المصنف بهذين الأصلين والمثلين: أن يبين أن التشبيه الذي نفته النصوص ليس هو الاشتراك في الاسم المطلق، وأن الاشتراك في الاسم المطلق لا يستلزم التماثل في الحقيقة عند الإضافة والتخصيص.