فظهر من هذا أن مذهب الأشاعرة في هذا القرآن الذي نتلوه لا يختلف عن مذهب الجهمية والمعتزلة وقولِهم إنه مخلوقٌ.

فعند الأشاعرة أنَّ كلامَ الله يُطلق حقيقةً على ذلك المعنى النفسي القائم بالرب تعالى، ويُطلق مجازاً على هذا الكلام الذي نتلوه ونسمعه ونكتبه.

وأما الجهمية والمعتزلة فعندهم أن هذا الكلام الذي هو القرآن المكتوبُ في المصاحفِ والمتلُوُّ بالألسُنِ مخلوقٌ، ولم يَقُمْ بذاتِ الرَّبِّ شيءٌ منه لا معنى ولا لفظ.

وقول الناظم: «قُلتُ: كَلاَمُهُ، لا رَيْبَ فِيهِ عِنْدَ كُلِّ مُوَحِّدِ»، هذا يؤكد أن القول بأن ما نتلوه هو كلامُ الله مما هو متَّفَقٌ عليه بين كلِّ الموحِّدين أي كلِّ المسلمين، فليس عندهم شكٌّ في ذلك ولا ريب.

ووقع في نسخةٍ: «عندَ كُلِّ مُسَدَّدِ» أي لا ريب في ذلك عند كلِّ مسدَّدٍ وموفَّقٍ لمعرفةِ الحقِّ واعتقادِه.

ولا يخفى أنَّ كلامَ النَّاظِم رحمه الله في هذا البيت لا يتضمن تحريرَ مذهبِه بوضوح، لكن قد تقدَّم معنا من مجموع كلامه في أول النظم وآخره ما يقتضي أنه يذهب في «القرآن» مذهب الأشاعرة لقوله في البيت السابق: «منْ غَيرِ مَا حَدَثٍ وَغَيرِ تَجَدُّدِ».

ويحتمل أنه يذهب في «كلام الله» مذهب الاقترانية السالمية القائلين بأنَّ «القرآن» حروفٌ وأصواتٌ قديمةٌ في الأزل، وهو قول مبتدَعٌ مخالفٌ لمذهب أهل السنة، مناقضٌ للعقل والشرع، واحتمال أن الناظم يذهب في «كلام الله» مذهب الأشاعرة أقرب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015