والسمع، فالكمال هو أن يتكلَّم القادرُ إذا شاء ويترك الكلام إذا شاء، فكلامه بمشيئته.
قال الناظمُ رحمه الله:
هذا السؤال أورده الناظم رحمه الله عن هذا «القرآن» الذي نتلوه بألسنتنا، ونكتبه في مصاحفنا، ونسمعه بآذاننا، ونحفظه في صدورنا.
ويظهر من هذا السؤال أنَّه تكرارٌ لقوله في البيت السابق: «قَالُوا فَمَا القُرْآنُ؟ قُلْتُ: كَلاَمُهُ»، إلا أنَّه قيَّده في هذا البيت بـ «التلاوة» فقال: «قَالُوا: الذي نَتْلُوهُ؟» يعني: ما تقول في هذا الكلام الذي نتلوه؟ أهو كلام الله؟ أم هو كلام البشر تعبيراً عن كلام الله؟
فأجاب عن هذا السؤال بقوله: «قُلتُ: كَلاَمُهُ» أي: أنَّ هذا الذي نتلوه بألسنتنا هو كلامُ الله حَقاً، ولا ريب أنَّ القرآنَ كلامُ الله سواءً كان متلوَّاً بالأَلْسُن، أو مكتوباً في المصاحف، أو محفوظاً في الصدور، كل ذلك لا يخرجه عن كونه كلام الله، فهو كلام الله كيفما تصرَّفَ، وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة.
ولكن إذا نظرنا إلى قول الناظم رحمه الله في البيت السابق: «منْ غَيرِ مَا حَدَثٍ وَغَيرِ تَجَدُّدِ»، فإن كلامه هذا يقتضي أنه يذهب مذهب مَن يقول بقِدَم كلام الله، وعلى هذا فقوله هنا في الذي نتلوه إنه كلام الله هو على سبيل المجاز؛ لأنَّ هذا الذي نتلوه هو عبارةٌ عن المعنى النفسي القائم بالرَّب سبحانه وتعالى.
وعلى هذا فالألفاظُ التي نتلوها مخلوقةٌ عُبِّر بها عن المعنى القائم بالرَّب سبحانه وتعالى.