قال يعقوب: إنما أراد بالمقاناة ههنا المشاكلة، أي كبيضة مخلوط بياضها بصفرة، يعنى بيضة النعامة
الأولى. قال ومثله قول المخبل:
سبقَتْ قرائنهَا وأدفأوها ... قَرِدٌ كانَّ جنَاحه هِدْمُ
يعنى بيضة النعامة الأولى، وهي تستحسن.
ثم رجع إلى نعت المرأة فقال: (غذاها نمير الماء)، يريد إذا هذه المرأة أنمر الماء، أي نشأت بأرض
مريئة. والماء نمير: النامي الذي ينجع في الجسد. (غير محلل)، ومعناه لا يحلله أحد فيصفر ويتغير.
وقال أبو عبيدة: كبكر المقاناة، معناه كبردية بكر البردى. والمقاناة: الممتزجة البياض بصفرة. وقال:
البكر الدرة التي لم تثقب. والمقاناة: الألوان. والنمير: الماء العذب الذي يبقى في الأجواف. وليس كل
عذب بنمير؛ لأن النمير ما كان شاربه طويل الري منه؛ والذي يعطش صاحبه سريعا ليس بنمير.
وقال غيره: يروى (غذاها نمير الماء غير محلل) بكسر اللام، أي غذاها غذاء واسعا غير قليل
كتحلة النمير. والنَّمير: ما بقى في بطون الماشية وانحدر عن بطون الناس، لخفته وعذوبته. وقال
آخرون: غذاها نمير الماء معناه: إذا الدرة نمير الماء؛ لان البحر فيه مواضع يكون فيها الماء العذب.
قال أبو ذؤيب يذكر الدرة:
فجاء بها ما شِئتَ من لَطَميَّة ... يَدُومُ الفرات فَوقها ويموجُ
فالفرات: العذب. وقال أكثر أهل اللغة: الدر يخرج من الملح لا من العذب. ومعنى البيت أن الملح
للدرة بمنزلة العذب لغيرها، لأنها تنمى وتحسن عليه كما يحسن غيرها على العذب.
والنَّمير مرتفع بغذاها، وهو مضاف إلى الماء. وقال سهل: في كتابي (كبكر مقاناة البياض) بالرفع.
قال: وأظنها من صفة المرأة. ونصب (غير محلل) على الحال.