(بَلْ أَنتِ لا تَدْرِينَ كَمْ مِن ليلةٍ ... طَلْقٍ لذيذٍ لهوُها ونِدامُها)
قوله (ليلة طلق) أراد طلقة، ولكنه وصفها بأمر طلق. ويقال: إنما ذكر طلقا لأنه مشبه بالمصدر، كما
تقول امرأة عدل وفطر وصوم. ويقال: يوم طلق وليلة طلقٌ وطلقة، إذا لم يكن فيهما برد ولا ريح ولا
مطر. قال الشاعر:
فليسَتْ بطَلْقٍ ولا ساكِرهْ
أي ساكنة. يقال: سكرت الريح تسكر، إذا سكنت وركدت. وسكر الشارب يسكر. و (الندام):
المنادمة. يقال نادمت الرجل منادمة ونداما.
واللهو رفع باللذة.
(قدْ بتُّ سامِرَها وغايَةِ تاجرٍ ... وافَيتُ إِذْ رُفِعَتْ وعَزَّ مُدامَها)
قوله (سامرها) معناه سامرا فيها. و (غاية تاجر) أي راية تاجر يبيع الخمر فينصبها ليعلم موضعه.
وإنما سميت غاية لأن أهل الجاهلية كانوا ينصبون راية للخيل تسمى الغاية، فإذا بلغها الفرس قيل:
قد بلغ الغاية. فصارت مثلا. قال عنترة:
رَبذٍ يداه بالقداح إذا شَتَا ... هتَّاكِ غايات التجار ملوَّمِ
أي يشتي ما عندهم من الخمر فيحطون راياتهم. وقال أبو ذؤيب:
ولا الراح راح الشَّام جاءت شَبيئةً ... لها غايةٌ يَهدِي الكِرامَ عُقابُها)
والعقاب: الراية ايضا، فلما اختلف اللفظان جمع بينهما وحسن ذلك.