وقيل: هو الذهلي، قال: (حدّثنا جريج بن حازم) الأزدي البصري الثقة، لكن في حديثه عن قتادة ضعف، وله أوهام إذا حدث من حفظه، واختلط في آخر عمره، لكنه لم يسمع أحد منه في حال اختلاطه شيئًا، واحتج به الجماعة، ولم يخرج له المؤلّف عن قتادة إلا أحاديث يسيرة توبع فيها، (عن الحسن) البصري قال:
(حدّثنا جندب) هو: ابن عبد الله بن سفيان البجلي (رضي الله عنه، في هذا المسجد) المسجد البصري (فما نسينا) أشار بذلك إلى تحققه لما حدث به، وقرب عهده به، واستمرار ذكره له (وما نخاف أن يكذب جندب عن النبي) ولأبي ذر: على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعلى أوضح يقال: كذب عليه، وأما رواية: عن، فعلى معنى النقل، وفيه إشارة إلى أن الصحابة عدول، وأن الكذب مأمون من قبلهم، خصوصًا على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (قال):
(كان برجل) أي فيمن كان قبلكم، قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمه (جراح) بكسر الجيم (قتل) ولأبي ذر: فقتل (نفسه) بسبب الجراح (فقال الله) عز وجل: (بدرني عبدي بنفسه) أي: لم يصبر حتى أقبض روحه من غير سبب له في ذلك، بل استعجل وأراد أن يموت قبل الأجل الذي لم يطلعه الله تعالى عليه، فاستحق المعاقبة المذكورة في قوله: (حرمت عليه الجنة) لكونه مستحلاً لقتل نفسه، فعقوبته مؤبدة، أو حرّمتها عليه في وقت ما، كالوقت الذي يدخل فيه السابقون، أو: الوقت الذي يعذب فيه الموحدون في النار ثم يخرجون، أو: حرمت عليه جنة معينة، كجنة عدن مثلاً، أو ورد على سبيل التغليظ والتخويف، فظاهره غير مراد. قال النووي: أو يكون شرع من مضى أن أصحاب الكبائر يكفرون بها.
وهذا الحديث أورده المؤلّف هنا مختصرًا، ويأتي إن شاء الله تعالى في: ذكر بني إسرائيل مبسوطًا.
1365 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «الَّذِي يَخْنُقُ نَفْسَهُ يَخْنُقُهَا فِي النَّارِ، وَالَّذِي يَطْعُنُهَا يَطْعُنُهَا فِي النَّارِ». [الحديث 1365 - طرفه في: 5778].
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع، قال: (أخبرنا شعيب) هو: ابن أبي حمزة، قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة، رضي الله عنه، (قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(الذي يخنق نفسه يخنقها في النار) بضم النون فيهما (والذي يطعنها يطعنها في النار) لأن الجزاء من جنس العمل، وقوله: يطعنها بضم العين فيهما، قال في الفتح: كذا ضبطه في الأصول، وجوّز غيره فيهما الفتح.
وهذا الحديث من أفراد المؤلّف من هذا الوجه، وأخرجه في الطب من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مطوّلاً.
رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
(باب ما يكره من الصلاة على المنافقين، والاستغفار للمشركين).
(رواه ابن عمر) بن الخطاب (رضي الله عنهما) فيما وصله المؤلّف في الجنائز في قصة عبد الله بن أبي (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).
1366 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنهم- أَنَّهُ قَالَ: "لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ. فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَثَبْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَىٍّ وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا -أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ- فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ. فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ قَالَ: إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ. لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ فَغُفِرَ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْهَا. قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَمْكُثْ إِلاَّ يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتِ الآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةٌ {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} -إِلَى- {وَهُمْ فَاسِقُونَ} قَالَ: فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. [الحديث 1366 - طرفه في: 4671].
وبالسند قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة وفتح الكاف، نسبه لجده، ولشهرته به واسم أبيه: عبد الله المخزومي مولاهم، المصري، ثقة في الليث، وتكلموا في سماعه من مالك، لكن قال المؤلّف في تاريخه الصغير: ما روى يحيى بن بكير عن أهل الحجاز في التاريخ فإني انتقيته. وهذا يدل على أنه ينتقي في حديث شيوخه، ولذا، ما خرج له عن مالك سوى خمسة أحاديث مشهورة متابعة، (قال: حدّثني) بالإفراد (الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين وفتح القاف. ابن خالد الأيلي، أحد الإثبات الثقات، وأحاديثه عن الزهري مستقيمة، وأخرج له الجماعة (عن ابن شهاب) الزهري (عن عبيد الله بن عبد الله) بتصغير الأول: أحد الفقهاء السبعة (عن ابن عباس، عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنهم أنه قال):
(لما مات عبد الله بن أبي ابن سلول) بضم ابن، وإثبات ألفه، صفة لعبد الله، لأن سلول أمه: وهي بفتح السين غير منصرف للعلمية والتأنيث، وأبي بضم الهمزة وفتح الموحدة وتشديد المثناة التحتية منوّنًا (دعي له رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بضم دال: دعي، مبنيًا للمفعول، ورفع رسول، نائب عن الفاعل (ليصلّي عليه) بنصب يصلّي (فلما قام رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وثبت إليه) بفتح المثلثة وسكون الموحدة، (فقلت: يا رسول الله أتصلّى على ابن أبي؟) بهمزة الاستفهام (وقد قال يوم كذا وكذا، كذا وكذا، أعدد