وهو لائق بالحال.
قال الزركشي: إنما يتم إذا لم يتعمد ما يقتضي السجود، فإن تعمد فليس بلائق، بل اللائق الاستغفار ثم يتورك ويسلم ولا يستشهد بعد السجود، وإنما بنى عليه الصلاة والسلام على الركعتين بعد أن تكلم لأنه كان ساهيًا، لظنه عليه الصلاة والسلام أنه خارج الصلاة، والكلام سهوًا لا يقطعها، خلافًا للحنفية. وأما كلام ذي اليدين والصحابة. فلأنهم لم يكونوا على اليقين من البقاء في الصلاة لتجويزهم نسخ الصلاة من الأربع إلى الركعتين.
وتعقب بأنهم تكلموا بعد قوله عليه الصلاة والسلام: لم تقصر، أو: أن كلامهم كان خطابًا له، عليه الصلاة والسلام، وهو غير مبطل عند قوم، أو: أنهم لم يقع منهم كلام، إنما أشاروا إليه أي: نعم، كما في سنن أبي وإسناد صحيح بلفظ: أومأوا!.
وبالإسناد السابق (قال سعد) بسكون العين، ابن إبراهيم المذكور، وهو مما أخرجه ابن أبي شيبة عن غندرعن شعبة.
(ورأيت عروة بن الزبير صلّى من المغرب ركعتين، فسلم) عقبهما (وتكلم) ساهيًا (ثم صلّى ما بقي) منها (وسجد) رضي الله عنه (سجدتين) للسهو (وقال: هكذا فعل النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).
فإن قلت: ليس في حديث الباب إلاّ التسليم في اثنتين، وليس فيه التسليم في ثلاث، وحينئذ فلا مطابقة بينه وبين الترجمة في الجزء الثاني.
أجيب: بأنه قد ورد التسليم في ثلاث، عند مسلم، من حديث عمران بن الحصين فكأنه أشار إليه في الترجمة.
وَسَلَّمَ أَنَسٌ وَالْحَسَنُ وَلَمْ يَتَشَهَّدَا. وَقَالَ قَتَادَةُ: لاَ يَتَشَهَّدُ.
(باب من لم يتشهد في سجدتي السهو) أي: بعدهما (وسلم أنس) هو: ابن مالك (والحسن) هو البصري عقب سجدتي السهو (ولم يتشهدا) كما وصله ابن أبي شيبة من طريق قتادة عنهما (وقال قتادة: لا يتشهد) بحرف النفي. كما فى الفرع وغيره من الأصول، وهو موافق لما رواه قتادة عن أنس والحسن، فاقتدى بهما في ذلك.
لكن حمل الحافظ ابن حجر لفظ: لا، على الزيادة، لما في رواية عبد الرزاق عن معمر عنه، قال: يتشهد في سجدتي السهو، من غير ذكر: لا.
وتعقبه العيني: بأنه يجوز أن يكون عن قتادة روايتان، وبأنه إذا قيل بزيادة: لا، فيما ذكره البخاري، فلقائل أن يقول: لعلها سقطت فيما رواه عبد الرزاق. اهـ.
1228 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انْصَرَفَ مِنِ اثْنَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أَقُصِرَتِ الصَّلاَةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ".
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ قَالَ: "قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ: فِي سَجْدَتَىِ السَّهْوِ تَشَهُّدٌ؟ قَالَ: لَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ".
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك بن أنس) الأصبحي (عن أيوب) وللأصيلي: أخبرنا مالك عن أيوب (بن أبي تميمة السختياني) بفتح السين وكسر التاء (عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه):
(أن رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انصرف من اثنتين) أي: ركعتين (فقال له ذو اليدين) الخرباق، بكسر الخاء المعجمة وسكون الراء بعدها موحدة آخره قاف، وكان في يديه طول (أقصرت الصلاة) بفتح القاف وضم الصاد (أم نسيت يا رسول الله؟ فقال) ولأبي ذر: قال (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) للناس المصلين معه:
(أصدق ذو اليدين) فيما قال؟ (فقال الناس: نعم) أي: صدق (فقام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي: اعتدل، لأنه كان مستندًا إلى الخشبة، كما يأتي إن شاء الله تعالى، أو: أن فيه تعريضًا بأنه أحرم ثم جلس، ثم قام.
قال في المصابيح، وهو أحد القولين: وإلاّ فلا يتصور استئناف القيام إلا بهذه الطريقة.
(فصلى) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (اثنتين) ركعتين (أخريين، ثم سلم، ثم كبر، فسجد) ثم كبر فرفع، ثم كبر فسجد، وكان سجوده فيهما (مثل سجوده) الذي للصلاة (أو أطول) منه، (ثم رفع) من سجوده ولم يتشهد، ثم سلم.
وهذا يهدم قاعدة المالكية ومن وافقهم، أنه إذا كان السهو بالنقصان يسجد قبل السلام.
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) بفتح المهملة وتسكين الراء آخره موحدة، قال: (حدّثنا حماد) هو: ابن زيد (عن) أبي بشر (سلمة بن علقمة) التميمي البصري (قال: قلت لمحمد) بن سيرين
(في سجدتي السهو تشهد؟ قال) ولأبي الوقت: فقال: (ليس في حديث أبي هريرة) تشهد، ومفهومه وروده في غير حديثه.
ويؤيده حديث عمران بن حصين، عند أبي داود وابن حبان والحاكم: أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، صلّى بهم فسها، فسجد سجدتين، ثم تشهد ثم سلم.
وضعفه البيهقي وابن عبد البر وغيرهما، ووهموا أشعث