أيضًا: يتخير إن شاء سجد قبل السلام، وإن شاء بعده لثبوت الأمرين عنه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كما مر. ورجحه البيهقي.
ونقل الماوردي وغيره، الإجماع على جوازه، وإنما الخلاف في الأفضل. ولذا أطلق النووي، وتعقب: بأن إمام الحرمين نقل في النهاية الخلاف في الاجزاء عن المذهب. واستبعد القول بالجواز.
وذهب أحمد إلى أنه يستعمل كل حديث فيما يرد فيه، وما لم يرد فيه شيء يسجد قبل السلام.
هذا (باب) بالتنوين (إذا سلم) المصلي (في ركعتين أو) سلم (في ثلاث، فيسجد سجدتين مثل سجود الصلاة أو أطول) منه ما يكون الحكم، ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي: سجد، بغير فاء، وهي أوجه. وفي بمعنى: من.
1227 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الظُّهْرَ -أَوِ الْعَصْرَ- فَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: الصَّلاَةُ يَا رَسُولَ اللَّهَ أَنَقَصَتْ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَصْحَابِهِ: أَحَقٌّ مَا يَقُولُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ". قَالَ سَعْدٌ "وَرَأَيْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ صَلَّى مِنَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ، فَسَلَّمَ وَتَكَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى مَا بَقِيَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَقَالَ: هَكَذَا فَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن سعد بن إبراهيم) بسكون العين (عن أبي سلمة) بفتح اللام، عبد الله، أو إسماعيل بن عبد الرحمن بن عوف الزهري (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال):
(صلّى بنا النبي) وللأصيلي: رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الظهر -أو العصر-) بالشك، وسبق في باب الإمامة الجزم بأنها الظهر، وكذا مسلم في رواية له. وفي أخرى له أيضًا الجزم بالعصر.
والشك من أبي هريرة، كما تبين من رواية عون، عن محمد بن سيرين، عند النسائي، ولفظه:
قال أبو هريرة، رضي الله عنه: صلّى النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إحدى صلاتي العشي. قال أبو هريرة: لكني نسيت. فبين أبو هريرة أن الشك منه، وهو يعكر على ما حكاه النووي عن المحققين أنهما قضيتان، بل يجمع بأن أبا هريرة رواه كثيرًا على الشك، ومرة غلب على ظنه أنها الظهر، فجزم بها ومرة أنها العصر فجزم بها. وفي قول أبي هريرة: صلّى بنا تصريح بحضوره ذلك، ويؤيده ما في رواية مسلم وأحمد وغيرهما، من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة في هذا الحديث، عن أبي هريرة: بينما أنا أصلي مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهو يرد على الطحاوي حيث حمل قوله: صلّى بنا على المجاز. وأن المراد: صلّى بالمسلمين، متمسكًا بما قاله الزهري.
ووهموه فيه، وهو أن القصة لذي الشمالين فقط المستشهد ببدر قبل إسلام أبي هريرة بأكثر من خمس سنين، فالصواب أن القصة لذي اليدين فقط وهو غيره.
قال أبو عمرو: وقول من قال: إن ذا اليدين قتل يوم بدر غير صحيح، ولسنا ندافعهم أن ذا الشمالين قتل ببدر، فقد ذكر ابن إسحاق وغيره من أهل السير ذا الشمالين فيمن قتل ببدر، وأنه خزاعي. وأما ذو اليدين الذي شهد سهو النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسلمي، واسمه الخرباق.
نعم، روى النسائي ما يدل على أنهما واحد، ولفظه فقال له ذو الشمالين ابن عمرو أنقصت الصلاة أم نسيت؟ فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ما يقول ذو اليدين؟ فصرح بأن ذا الشمالين هو ذو اليدين.
لكن نص الشافعي في اختلاف الحديث فيما نقله في الفتح، وأبو عبد الله الحاكم والبيهقي وغيرهم: أن ذا الشمالين غير ذي اليدين.
وقال النووي في الخلاصة: إنه قول الحفاظ، وسائر العلماء إلاّ الزهري، واتفقوا على تغليطه.
وقال أبو عمرو: أما قول الزهري إنه ذو الشمالين فلم يتابع عليه، وقد اضطرب الزهري في حديث ذي اليدين اضطرابًا أوجب عند أهل العلم بالنقل تركه من روايته، خاصة ولم يعول عليه فيه أحد، فليس قوله: إنه المقتول ببدر حجة، فقد تبين غلطه في ذلك والله أعلم
(فسلم) عليه الصلاة والسلام في الركعتين (فقال ذو اليدين) الخرباق السلمي: (الصلاة يا رسول الله) بالرفع مبتدأ خبره (أنقصت) بهمزة الاستفهام وفتح النون، فيكون الفعل لازمًا، وبضمها متعديًا (فقال النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لأصحابه) الذين صلوا معه، رضي الله عنهم:
(أحق) بالرفع، مبتدأ دخلت عليه همزة الاستفهام، وقوله: (ما يقول) أي: ذو اليدين؟ سادّ مسد الخبر أو: أحق، خبر، وتاليه مبتدأ.
(قالوا: نعم) حق ما يقول (فصلّى) عليه الصلاة والسلام (ركعتين أخريين) بمثناتين تحتيتين بعد الراء، ولأبي الوقت، وابن عساكر: أخراوين، بألف ثم واو بعد الراء على خلاف القياس (ثم سجد) عليه الصلاة والسلام (سجدتين) للسهو كسجدتي الصلاة يجلس مفترشًا بينهما.
ويأتي بذكر السجود للصلاة فيهما، وعن بعضهم أنه يندب له أن يقول فيهما: سبحان من لا ينام ولا يسهو.
قال النووي، كالرافعي: