معجمة، مبنيًا للمفعول أي يشق أو يخدش (فإنه) الرجل (يأخذ القرآن فيرفضه) بكسر الفاء وضمها والضاد المعجمة، أي: يترك حفظه والعمل به (وينام) ذاهلاً (عن الصلاة المكتوبة) العشاء حتى يخرج وقتها، أو الصبح. لأنها التي تفوت بالنوم غالبًا.
هذا (باب) بالتنوين (إذا نام ولم يصل بال الشيطان في أذنه) قال في الفتح: كذا للمستملي وحده، ولغيره باب، فقط، وهو بمنزلة الفصل من سابقه، وفي اليونينية: باب إذا نام ولم يصل بال الشيطان في أذنه، فليتأمل مع ما قبله.
1144 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ: "ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ فَقِيلَ: مَا زَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ، مَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ فَقَالَ: بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ". [الحديث 1144 - طرفه في: 3270].
وبالسند قال: (حدّثنا مسدد قال: حدّثنا أبو الأحوص) سلام بن سليم (قال: حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا (منصور) هو: ابن المعتمر (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن عبد الله) بن مسعود (رضي الله عنه قال):
(ذكر عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجل).
قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمه، لكن أخرج سعيد بن منصور عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، عن ابن مسعود ما يؤخذ منه. أنه هو، ولفظه بعد سياق الحديث بنحوه: وايم الله لقد بال في أذن صاحبكم ليلة يعني نفسه.
(فقيل) أي؛ قال رجل من الحاضرين (ما زال) الرجل المذكور (نائمًا حتى أصبح، ما قام إلى الصلاة) اللام للجنس، أو المراد: المكتوبة، فتكون للعهد. ويدل له قول سفيان، فيما أخرجه ابن حبان في صحيحه: هذا عبد نام عن الفريضة. (فقال) عليه الصلاة والسلام:
(بال الشيطان في أذنه) بضم الهمزة والذال وسكونها، ولا استحالة أن يكون بوله حقيقة، لأنه ثبت أنه يأكل ويشرب وينكح، فلا مانع من بوله، أو: وهو كناية عن صرفه عن الصارخ بما يقره في أذنه حتى لا ينتبه، فكأنه ألقى في أذنه بوله فاعتل سمعه بسبب ذلك.
وقال التوربشتي: يحتمل أن يقال إن الشيطان ملأ سمعه بالأباطيل، فأحدث فى أذنه، وقرأ عن استماع دعوة الحق.
وقال في شرح المشكاة، خص الأذن بالذكر. والعين أنسب بالنوم إشارة إلى ثقل النوم، فإن المسامع هي موارد الانتباه بالأصوات، ونداء: حي على الصلاة.
قال الله تعالى: {فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ} [الكهف: 11] أي: أنمناهم إنامة ثقيلة لا تنبههم فيها الأصوات.
وخص البول من بين الأخبثين لأنه مع خباثته أسهل مدخلاً في تجاويف الخروق والمعروف، ونفوذه فيها، فيورث الكسل في جميع الأعضاء.
ورواة هذا الحديث كوفيون إلا شيخ المؤلّف فبصري، وفيه: التحديث والإخبار والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف في صفة إبليس، ومسلم والنسائي وابن ماجة في: الصلاة.
وَقَالَ عز وجل: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} أَىْ مَا يَنَامُونَ {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.
(باب الدعاء والصلاة) بواو العطف، ولأبي ذر في الصلاة (من آخر الليل) وهو الثلث الأخير منه.
(وقال) ولأبوي ذر. والوقت: وقال الله (عز وجل) وللأصيلي: وقول الله عز وجل ({كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون}) رفع بقليلاً على الفاعلية (أي: ما ينامون) وللحموي: ما يهجعون: ينامون، وما زائدة.
ويهجعون: خبر كان، وقليلاً إما ظرف أي: زمانًا قليلاً، ومن الليل إما صفة أو: متعلق بيهجعون، وإما مفعول مطلق أي: هجوعًا قليلاً. ولو جعلت: ما، مصدرية، فما يهجعون فاعل قليلاً، ومن الليل: بيان أو حال من المصدر. ومن، للابتداء. ولا يجوز أن تكون نافية، لأن ما بعدها لا يعمل فيما قبلها. ولابن عساكر: ما ينامون، وعند الأصيلي يهجعون الآية.
({وبالأسحار هم يستغفرون}) أي: أنهم مع قلة هجوعهم وكثرة تهجدهم إذا أسحروا أخذوا في الاستغفار كأنهم أسلفوا في ليلهم الجرائم.
وسقط في رواية الأصيلي: ما بعد يهجعون إلى يستغفرون، وسقط عند أبي ذر، والأصيلي، وأبي الوقت: {وبالأسحار هم يستغفرون}.
1145 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ». [الحديث 1145 - : طرفاه في: 6321، 7494].
وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن) إمام الأئمة (مالك، عن ابن شهاب) الزهري (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (وأبي عبد الله) سلمان (الأغر) بغين معجمة وراء مشددة، الثقفي، كلاهما (عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال):
(ينزل ربنا، تبارك وتعالى) نزول رحمة، ومزيد لطف، وإجابة دعوة، وقبول معذرة، كما هو ديدن الملوك الكرماء، والسادة الرحماء، إذا نزلوا بقرب قوم محتاجين ملهوفين، فقراء مستضعفين، لا نزول حركة وانتقال لاستحالة ذلك على الله تعالى، فهو نزول معنويّ.
نعم، يجوز حمله على الحسي، ويكون راجعًا إلى أفعاله لا إلى ذاته، بل هو عبارة عن ملكه