الجائز لهنّ لبس الحرير.
ويأتي الحديث ومباحثه، إن شاء الله تعالى، في: كتاب اللباس، بعون الله وقوّته.
(باب) إباحة (الحراب والدرق) يلعب بها السودان (يوم العيد) للسرور به.
949 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرٌو أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَسَدِيَّ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: [دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ. وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-! فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فَقَالَ: «دَعْهُمَا». فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا"]. [الحديث 949 - أطرافه في: 952، 987، 2907، 3530، 3931].
وبالسند قال: (حدّثنا أحمد) غير منسوب، ولأبي ذر وابن عساكر: حدّثنا أحمد بن عيسى، وبذلك جزم أبو نعيم في المستخرج، واسم جده حسان التستري المصري الأصل، المتوفى سنة ثلاث وأربعين ومائتين.
وفي رواية أبي علي بن شبويه، كما في الفتح: حدّثنا أحمد بن صالح، وهو مقتضى إطلاق أبي علي بن السكن حيث قال: كل ما في البخاري: حدّثنا أحمد، غير منسوب فهو ابن صالح.
(قال: حدّثنا ابن وهب) عبد الله المصري (قال: أخبرنا عمرو) هو ابن الحرث (أن محمد بن عبد الرحمن) بن نوفل بن الأسود (الأسدي) بفتح الهمزة والسين المهملة، القرشي، المتوفى سنة سبع عشرة ومائة (حدّثه عن عروة) بن الزبير بن العوام (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها (قالت: دخل عليّ رسول الله) وللأصيلي، وابن عساكر، وأبي ذر في نسخة: دخل عليّ النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أيام منى (وعندي جاريتان)، أي: دون البلوغ، من جواري الأنصار (تغنيان)، ترفعان أصواتهما بإنشاد العرب، وهو قريب من الحداء، وتدففان، أي: تضربان بالدف بضم الدال. إحداهما لحسان بن ثابت. كما في الطبراني، أو كلاهما لعبد الله بن سلام، كما في أربعي السلمي.
وفي العيدين: لابن أبي الدنيا، من طريق فليح، عن هشام بن عروة، عن أبيه، بإسناد صحيح، عن عائشة قالت: "دخل علّي أبو بكر، والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- متقنع، وحمامة وصاحبتها تغنيان عندي". لكن لم يذكر أحد من مصنفى أسماء الصحابة حمامة هذه. نعم، ذكر الذهبي في التجريد: حمامة أم بلال، اشتراها أبو بكر وأعتقها.
(بغناء) بكسر المعجمة والمدّ يوم (بعاث) بضم الموحدة وفتح العين المهملة آخره مثلثة، بالصرف وعدمه، وقال عياض: أعجمها أبو عبيد وحده وقال ابن الأثير: أعجمها الخليل، لكن جزم وموسى في ذيل الغريب، وتبعه صاحب النهاية، بأنه تصحيف. اهـ.
وهو اسم حصن وقع الحرب عنده بين الأوس والخزرج، وكان به مقتلة عظيمة، وانتصر الأوس على الخزرج، واستمرت المقتلة مائة وعشرين سنة، حتى جاء الإسلام، فألّف الله بينهم ببركة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. كذا ذكره ابن إسحاق.
وتبعه البرماوي، وجماعة من الشرّاح، وتعقب بما رواه ابن سعد بأسانيده: أن النفر السبعة: أو الثمانية، الذين لقوه عليه الصلاة والسلام بمنى، أول من لقيه من الأنصار، كان من جملة ما قالوه، لما دعاهم إلى الإسلام والنصرة: إنما كانت وقعة بعاث عام الأول، فموعدك الموسم القابل، فقدموا في السنة التي تليها فبايعوه البيعة الأولى، ثم قدموا الثانية فبايعوه، وهاجر عليه الصلاة
والسلام في أوائل التي تليها. فدلّ ذلك على أن وقعة بعاث كانت قبل الهجرة بثلاث سنين، وهو المعتمد، ويأتي مزيد لذلك، إن شاء الله تعالى، في أوائل الهجرة.
(فاضطجع) عليه الصلاة والسلام (على الفراش، وحوّل وجهه) للإعراض عن ذلك، لأن مقامه يقتضي أن يرتفع عن الإصغاء إليه، لكن عدم إنكاره يدل على تسويغ مثله على الوجه الذى أقره، إذ أنه عليه الصلاة والسلام لا يقرّ على باطل. والأصل التنزّه عن اللعب واللهو، فيقتصر على ما ورد فيه النص وقتًا وكيفيةً، (ودخل أبو بكر) الصديق (فانتهرني) أي لتقريرها لهما على الغناء، وللزهري: فانتهرهما، أي: الجاريتين لفعلهما ذلك. والظاهر على طريق الجمع أنه: شرك بينهن في الزجر.
(وقال: مزمارة الشيطان عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بكسر الميم آخره هاء تأنيث. يعني: الغناء أو الدف، لأن المزمارة والمزمار مشتق من الزمير، وهو الصوت الذي له صفير، ويطلق على الصوت الحسن وعلى الغناء، وأضافها إلى الشيطان لأنها تلهي القلب عن ذكر الله تعالى، وهذا من الشيطان.
وهذا من الصديق، رضي الله عنه، إنكار لما سمع معتمدًا على ما تقرر عنده من تحريم اللهو والغناء مطلقًا، ولم يعلم أنه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أقرّهنّ على هذا القدر اليسير، لكونه دخل فوجده مضطجعًا، فظنه نائمًا، فتوجه له الإنكار.
(فأقبل