في الفرع واصله، وفي بعض الأصول: أنت، بإثباتها (سألت أنا)، ولأبي ذر: أنس بن مالك: (وما أمهرها)؟ أي: ما أصدقها؟ ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي: ما مهرها؟ بحذف الألف. وصوّبه القطب الحلبي، وهما لغتان.

(قال أمهرها نفسها) بالنصب، أي أعتقها وتزوجها بلا مهر، وهو من خصائصه، (فتبسم).

وموضع الترجمة قوله: صلّى الصبح بغلس، ثم ركب فقال: الله أكبر. وفيه أن التكبير يشرع عند كل أمر مهول، وعندما يسرّ به من ذلك إظهارًا لدين الله تعالى، وظهور أمره، وتنزيهًا له تعالى عن كل ما نسبه إليه أعداؤه، ولا سيما اليهود، قبّحهم الله تعالى.

وقد تقدم هذا الحديث في باب: ما يذكر في الفخذ، وتأتي بقية مباحثه إن شاء الله تعالى في: المغازي، والنكاح.

بسم الله الرحمن الرحيم

ثبتت البسملة هنا لغير أبي ذر عن المستملي كما قال في الفتح، ولغير ابن عساكر في الفرع وأصله.

13 - كتاب العيدين

عيد الفطر وعيد الأضحى، والعيد مشتق من العود لتكرره كل عام، وقيل: لعود السرور بعوده، وقيل: لكثرة عوائد الله على عباده فيه. وجمعه، أعياد وإنما جمع بالياء، وإن كان أصله الواو، وللزومها في الواحد، وقيل: للفرق بينه وبين أعواد الخشب.

1 - باب فِي الْعِيدَيْنِ وَالتَّجَمُّلِ فِيهِ

هذا (باب) بالتنوين (في العيدين) كذا لأبي علي بن شبويه، ولابن عساكر: باب ما جاء في العيدين. (والتجمل فيه) أي: في جنس العيد. وللكشميهني: فيهما بالتثنية، أي: في العيدين، ولأبي ذر عن المستملي: أبواب، بالجمع بدل: كتاب، واقتصر في رواية الأصيلي، والباقين على قوله: باب إلخ ...

948 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: [أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ، تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ». فَلَبِثَ عُمَرُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ، فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ قُلْتَ إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ، وَأَرْسَلْتَ إِلَىَّ بِهَذِهِ الْجُبَّةِ فَقَالَ، لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «تَبِيعُهَا أَوْ تُصِيبُ بِهَا حَاجَتَكَ»].

وبالسند قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع (قال: أخبرنا شعيب) هو: ابن أبي حمزة (عن) ابن شهاب (الزهري، قال: أخبرني) بالإفراد، (سالم بن عبد الله، أن) أباه (عبد الله بن عمر قال: أخذ عمر) بن الخطاب، رضي الله عنه، بهمزة وخاء وذال معجمتين، قال الكرماني: أراد ملزوم الأخذ، وهو الشراء، وتعقب بأنه لم يقع منه ذلك، فلعله أراد السوم.

وفي بعض النسخ: وجد، بواو وجيم، قال ابن حجر، رحمه الله تعالى؛ وهو أوجه.

وكذا أخرجه الإسماعيلي والطبراني في مسند الشاميين، وغير واحد، من طرق إلى أبي اليمان، شيخ البخاري فيه، (جبة من إستبرق) بكسر الهمزة أي: غليظ الديباج، وهو المتخذ من الإبريسم، فارسي معرب (تباع في السوق) جملة في موضع جر، صفة لإستبرق، (فأخذها) عمر، (فأتى رسول الله)، وللأصيلي: فأتى بها رسول الله، (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: يا رسول الله، ابتع هذه) الجبة (تجمل، بها). بجزم: ابتع وتجمل، على الأمر. كذا قاله الزركشي وغيره، لكن، قال في المصابيح: الظاهر أن الثاني مضارع مجزوم، واقع في جواب الأمر، أي: فإن تبتعها تتجمل، فحذفت إحدى التاءين، وللحموي والمستملي: ابتاع هده تجمل؟ بهمزة استفهام مقصورة كما في الفرع واصله، وقد تمدّ وتضم لام تجمل على أن أصله: تتجمل، فحذفت إحدى التاءين أيضًا، (للعيد والوفود) سبق في الجمعة، في رواية نافع: للجمعة بدل: العيد، وكأن ابن عمر ذكرهما معًا، فأخذ كل راوٍ واحدًا منهما. وهذا موضع الجزء الأخير من الترجمة، وفيه التجمل بالثياب الحسنة أيام الأعياد وملاقاة الناس.

(فقال له رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (إنما هذه لباس من لا خلاق له) أي: من لا نصيب له في الجنة،

خرج مخرج التغليظ في النهي عن لبس الحرير، وإلاّ فالمؤمن العاصي لا بدّ من دخوله الجنة، فله نصيب منها. ولذا خص من عمومه النساء فإنهن خرجن بدليل آخر.

(فلبث عمر ما شاء الله أن يلبث، ثم أرسل إليه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بجبة ديباج، فأقبل بها عمر، فأتى بها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: يا رسول الله، إنك قلت: "إنما هذه لباس من لا خلاق له" وأرسلت إليّ بهذه الجبة، فقال له رسول الله):

(تبيعها وتصيب بها) أي بثمنها (حاجتك) وللكشميهني: أو تصيب، وهي إما بمعنى الواو، أو للتقسيم أي: كإعطائها لبعض نسائه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015