إلى هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر (خلفوا خليعًا لهم في الجاهلية) بفتح الخاء المعجمة فيهما وكسر اللام في الثاني فعيلاً بمعنى مفعول. قال في المقدمة: ولم أقف على أسماء هؤلاء، ولأبي ذر عن الكشميهني حليفًا بالحاء المهملة والفاء بدل المعجمة والعين. قال في الصحاح: يقال تخالع القوم إذا نقضوا الحلف بينهم اهـ.
وقد كانت العرب يتعاهدون على النصرة وأن يؤخذ كل منهم بالآخر فإذا أرادوا أن يتبرؤوا من الذي حالفوه أظهروا ذلك للناس وسموا ذلك الفعل خلعًا والمبرأ منه خليعًا أي مخلوعًا فيؤخذون بجنايته ولا يؤخذ بجنايتهم فكأنهم قد خلعوا اليمين التي كانت قد التمسوها معه ومنه سمي الأمير إذا عزل خليعًا ومخلوعًا مجازًا واتساعًا، ولم يكن ذلك في الجاهلية يختص بالحليف بل كانوا ربما خلفوا الواحد من القبيلة ولو كان من صميمها إذا صدرت منه جناية تقتضي ذلك وهذا مما أبطله الإسلام من حكم الجاهلية ومن ثم قيده في الخبر بقوله في الجاهلية. قال في الفتح: ولم أقف على اسم الخليع المذكور ولا على اسم أحد ممن ذكر في القصة.
(فطرق) الخليع (أهل بيت) وفي نسخة فطرق بضم الطاء وكسر الراء مبنيًّا للمفعول أهل بيت (من اليمن بالبطحاء) وادي مكة أي هجم عليهم ليلاً في خفية ليسرق منهم (فانتبه له رجل منهم) من أهل البيت (فحذفه) بالحاء المهملة والذال المعجمة رماه (بالسيف فقتله فجاءت هذيل فأخذو) الرجل (اليماني) بالتخفيف وفي الملكية بالتشديد الذي قتل الخليع (فرفعوه إلى عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- (بالموسم) الذي يجتمع فيه الحاج كل سنة (وقالوا: اقتل صاحبنا. فقال) القاتل إنه لص و (إنهم) يعني قومه (قد خلعوه) وفي نسخة قد خلعوا بحذف الهاء (فقال) عمر -رضي الله عنه- (يقسم) بضم أوله أي يحلف (خمسون من هذيل) أنهم (ما خلعوه) وفي نسخة بحذف الهاء (قال: فأقسم منهم تسعة وأربعون رجلاً) كاذبين أنهم ما خلعوه (وقدم رجل منهم) أي من هذيل (من الشام فسألوه أن يقسم) كقسمهم (فافتدى يمينه منهم بألف درهم فأدخلوا) بفتح الهمزة (مكانه رجلاً آخر فدفعه إلى أخي المقتول فقرنت) بضم القاف (يده بيده قالوا): ولأبي ذر قال قالوا: (فانطلقنا) نحن (والخمسون) والذي في اليونينية فانطلقا والخمسون (الذين أقسموا) أنهم ما خلعوه وهو من إطلاق الكل وإرادة الجزء إذ الذين أقسموا إنما هم تسعة وأربعون (حتى إذا كانوا بنخلة) بفتح النون وسكون الخاء المعجمة موضع على ليلة من مكة لا ينصرف (أخذتهم السماء) أي المطر (فدخلوا في غار في الجبل فانهجم) بسكون النون وفتح الهاء والجيم أي سقط وللأصيلي فانهدم (الغار على الخمسين الذين أقسموا فماتوا جميعًا. وأفلت) بضم الهمزة والذي في اليونينية بفتحها (القرينان) أخو المقتول والرجل الذي جعلوه مكان الرجل الشامي أي تخلصًا (واتبعهما) بتشديد الفوقية بعد همزة الوصل وبالموحدة (حجر) وقع عليهما بعد أن تخلصًا وخرجا من الغار (فكسر رجل أخي المقتول فعاش حولاً ثم مات) وغرض المؤلّف من هذه القصة أن الحلف توجه أوّلاً على المدعى عليه لأجل المدعي كقصة النفر من الأنصار. قال أبو قلابة بالسند السابق موصولاً لأنه أدرك ذلك.
(قلت: وقد كان عبد الملك بن مروان أقاد رجلاً) قال في الفتح: لم أقف على اسمه (بالقسامة ثم ندم بعدما صنع فأمر بالخمسين الذين أقسموا) من باب إطلاق الكل على البعض كما مر (فمحوا) بضم الميم والحاء المهملة (من الديوان) بفتح الدال وكسرها الدفتر الذي يكتب فيه أسماء الجيش وأصل العطاء فارسي معرب وأوّل من دوّن الدواوين عمر -رضي الله عنه- (وسيّرهم) أي نفاهم (إلى الشام) وفي رواية أحمد بن حرب عند أبي نعيم في مستخرجه من الشام بدل إلى. قال في الفتح: وهذه أولى لأن إقامة عبد الملك كانت بالشام، ويحتمل أن يكون ذلك وقع بالعراق عند محاربته مصعب بن الزبير ويكونوا من أهل العراق فنفاهم إلى الشام اهـ.
وقد تعجب القابسي بالقاف والموحدة من عمر بن عبد العزيز