أو يجب على ولاة الأمر بعده الراجح الاستمرار، لكن وجوب الوفاء إنما هو من مال المصالح. قال ابن بطال: فإن لم يعط الإمام عنه

من بيت المال لم يحبس عن دخول الجنة لأنه يستحق القدر الذي عليه في بيت المال إلا إن كان دينه أكثر من القدر الذي في بيت المال مثلاً (ومن ترك مالاً فلورثته) وهذا بالإجماع ولأبي ذر عن الكشميهني فهو لورثته.

والحديث أخرجه مسلم أيضًا في الفرائض.

5 - باب مِيرَاثِ الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ

وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: إِذَا تَرَكَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ بِنْتًا فَلَهَا النِّصْفُ، وَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَهُنَّ الثُّلُثَانِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ بُدِئَ بِمَنْ شَرِكَهُمْ فَيُؤْتَى فَرِيضَتَهُ فَمَا بَقِىَ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ.

(باب ميراث الولد) ذكرًا كان أو أنثى ولدًا أو ولد ولد وإن سفل (من أبيه وأمه وقال زيد بن ثابت) الأنصاري المدني -رضي الله عنه- مما وصله سعيد بن منصور: (إذا ترك رجل أو امرأة بنتًا فلها) أي للبنت (النصف) مما ترك أو تركت (وإن كانتا اثنتين أو أكثر فلهن) الثلاث فأكثر أو البنتين الثلثان (وإن كان معهن) أي البنات أو البنتين أخ (ذكر) من أبيهن فلا فريضة لأحد منهم و (بدئ) بضم الموحدة وكسر الدال المهملة بعدها همزة (بمن شركهم) بفتح المعجمة وكسر الراء مخففة أي بمن شرك البنات والذكر فغلب التذكير على التأنيث ممن له فرض مسمى كالأب (فيؤتي) ولأبي ذر فيعطي (فريضته فما بقي) بعد فرض الأب مثلاً (فللذكر) أي يقسم بين الابن والبنات للذكر (مثل حظ الأنثيين).

6732 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِىَ فَهْوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ». [الحديث 6732 - أطرافه في: 6735، 6737، 6746].

وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي الحافظ قال: (حدّثنا وهيب) بضم الواو وفتح الهاء ابن خالد قال: (حدّثنا ابن طاوس) عبد الله (عن أبيه) طاوس اليماني (عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(ألحقوا) بفتح الهمزة وكسر الحاء المهملة (الفرائض) جمع فريضة فعيلة بمعنى مفعولة وهي الأنصباء المقدّرة في كتاب الله وهي النصف ونصفه ونصف نصفه والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما كما مرّ (بأهلها) المستحقين لها بنص القرآن أي أوجبوا الفرائض لأهلها واحكموا بها لهم وجاءت العبارة في أعلى درجات الفصاحة وأسنى غايات البلاغة مع استعمال المجاز فيها لأن المعنى نيطوها بهم وألصقوها بمستحقيها (فما) شرطية في موضع رفع على الابتداء والخبر قوله (بقي فهو لأولى) بفتح الهمزة واللام بينهما واو ساكنة والفاء جواب الشرط ولأبي ذر عن الكشميهني فلأولى (رجل ذكر) أقرب في النسب إلى المورث دون الأبعد والوصف بالمذكورة مع أن الرجل لا يكون إلا ذكرًا

للتوكيد، وتعقب بأن العرب إنما تؤكد حيث يفيد فائدة أما تعيين المعنى في النفس وأما رفع توهم المجاز، وليس موجودًا هنا وقيل هذا التوكيد لمتعلق الحكم وهو المذكورة لأن الرجل قد يراد به معنى النجدة والقوّة في الأمر، فقد حكى سيبويه: مررت برجل رجل أبوه فلذا احتاج الكلام لزيادة التوكيد بذكر حتى لا يظن أن المراد به خصوص البالغ أو المراد به الاحتراز عن الخنثى، وتعقب بأنه لا يخرج عن كونه ذكرًا أو أنثى أو للتنبيه على أن الرجولية ليست هي المعتبرة بل مطلق المذكورة حتى يدخل الصغير قاله في أساس البلاغة، أو للتنبيه على سبب الاستحقاق بالعصوبة، والترجيح في الإرث بكون الذكر له مثل حظ الأنثيين لأن الرجال تلحقهم مؤن كثيرة بالقتال والقيام بالضيفان والعيال ونحو ذلك أو للتنبيه على نفي توهم اشتراك الأنثى ولا يخفى بعده أو أنه خرج مخرج الغالب ولا يخفى فساده لأن الرجل ذكر لا أن الغالب فيه المذكورة والحديث أخرجه مسلم في الفرائض أيضًا وكذا أبو داود والترمذي والنسائي.

6 - باب مِيرَاثِ الْبَنَاتِ

(باب ميرات البنات).

6733 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ أَخْبَرَنِى عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَرِضْتُ بِمَكَّةَ مَرَضًا فَأَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ فَأَتَانِى النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعُودُنِى فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى مَالاً كَثِيرًا وَلَيْسَ يَرِثُنِى إِلاَّ ابْنَتِى أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَىْ مَالِى؟ قَالَ: «لاَ»، قَالَ: قُلْتُ فَالشَّطْرُ قَالَ: «لاَ». قُلْتُ: الثُّلُثُ قَالَ: «الثُّلُثُ كَبِيرٌ إِنَّكَ إِنْ تَرَكْتَ وَلَدَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً إِلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا إِلَى فِى امْرَأَتِكَ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُخَلَّفُ عَنْ هِجْرَتِى فَقَالَ: «لَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِى فَتَعْمَلَ عَمَلاً تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ رِفْعَةً وَدَرَجَةً، وَلَعَلَّ أَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِى حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ» يَرْثِى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ. قَالَ سُفْيَانُ: وَسَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ».

وبه قال: (حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا الزهري) محمد بن مسلم قال: (أخبرني) بالإفراد (عامر بن سعد بن أبي وقاص) بسكون عين سعد (عن أبيه) سعد -رضي الله عنه- أنه (قال: مرضت بمكة مرضًا فأشفيت) بهمزة قطع مفتوحة وسكون المعجمة بعدها فاء أي فأشرفت (منه على الموت فأتاني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في عام حجة الوداع أو عام الفتح حال كونه (يعودني) مضارع عاد المريض إذا زاره (فقلت) له: (يا رسول الله إن لي مالاً كثيرًا) بالمثلثة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015