العتق. قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال: أغلاها ثمنًا وأنفسها عند أهلها، وكأن المؤلّف أشار بذلك إلى موافقة الحنفية لأن أفعل
التفضيل يقتضي الاشتراك في أصل الحكم، وقال ابن المنير: لم يترجم على عتق الرقبة في الكفارة لأنه لم يجد نصًّا في اشتراط الإيمان في كفارة الإيمان فأورد الترجمة محتملة، وذكر أن الفضل والمزية لعتق المؤمنة فنبه على مجال النظر فلقائل أن يقول: إذا تفاوت العتق وكان أفضله عتق المؤمنة، ووجب علينا عتق الرقبة في اليمين كان الأخذ بالأفضل أحوط للذمة وإلاّ كان المكفر بغير المؤمن على شك في براءة الذمة. قال: وهذا أوضح من الاستشهاد بحمل المطلق على المقيد في كفارة القتل لظهور الفرق بالتغليظ هنالك.
6715 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِى غَسَّانَ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ سَعِيدٍ ابْنِ مَرْجَانَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنَ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ».
وبه قال: (حدّثنا محمد بن عبد الرحيم) صاعقة قال: (حدّثنا داود بن رشيد) بضم الراء وفتح الشين المعجمة البغدادي قال: (حدّثنا الوليد بن مسلم) القرشي الأموي الدمشقي (عن أبي غسان) بفتح الغين المعجمة والسين المهملة المشددة (محمد بن مطرف) بضم الميم وفتح الطاء المهملة وكسر الراء المشددة (عن زيد بن أسلم) أبي أسامة العدوي مولى عمر بن الخطاب (عن علي بن حسين) بضم الحاء ابن علي بن أبي طالب المعروف بزين العابدين (عن سعيد بن مرجانة) بفتح الميم وسكون الراء وفتح الجيم وبعد الألف نون اسم أمه واسم أبيه عبد الله العامري (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(من أعتق رقبة مسلمة) وفي العتق أيما رجل أعتق امرأ مسلمًا (أعتق منه عضوًا من النار) سقط منه الثانية هنا وفي مسلم عضوًا منه من النار (حتى فرجه بفرجه) حتى هنا عاطفة بمنزلة الواو إلا أنها تفارقها من ثلاثة أوجه. أحدها أن المعطوف حتى ثلاثة شروط أن يكون ظاهرًا لا مضمرًا وأن يكون إما بعضًا من جمع قبلها كقدم الحاج حتى المشاة أو جزءًا من كل نحو: أكلت السمكة حتى رأسها، أو كجزء نحو: أعجبتني الجارية حتى حديثها ويمتنع حتى ولدها، والذي يضبط ذلك أنها تدخل حيث يصح دخول الاستثناء وتمتنع حيث يمتنع ولذا يمتنع ضربت الرجلين حتى أفضلهما وإنما جاز حتى نعله ألقاها لأن الصحيفة والزاد في معنى ألقى ما يثقله وأن يكون غاية لما قبلها إما زيادة أو نقص فالأوّل نحو مات الناس حتى الأنبياء والثاني نحو زارك الناس حتى الحجامون قاله في المغني، والشروط الثلاثة موجودة في هذا الحديث فقوله رقبة ظاهر منصوب، وقوله فرجه جزء مما قبله وهو غاية لما قبلها وخص الفرج بالذكر لأنه على أكبر الكبائر بعد الشرك.
والحديث سبق في أوائل العتق.
(باب) حكم (عتق المدبر وأم الولد والمكاتب في الكفارة و) حكم (عتق ولد الزنا. وقال طاوس): هو ابن كيسان (يجزئ المدبر وأم الولد) وهذا وصله ابن أبي شيبة من طريقه بلفظ يجزئ عتق المدبر في الكفارة وأم الولد في الظهار اهـ.
وقال مالك: لا يجزئ في الكفارة مدبر ولا أم ولد ولا معلق عتقه لأنه ثبت لهم عقد حرية لا سبيل إلى رفعه والواجب في الكفارة تحرير رقبة وهو قول الكوفيين. وقال الشافعي: يجزئ عتق المدبر وعند البيهقي بسند صحيح عن الزهري أخبرني أبو حسن مولى عبد الله بن الحارث، وكان من أهل العلم والصلاح أنه سمع امرأة تقول لعبد الله بن نوفل تستفتيه في غلام لها ابن زنية تعتقه في رقبة كانت عليها فقال: لا أراه يجزئك سمعت عمر يقول لأن أحمل على نعلين في سبيل الله أحب إلي من أن أعتق ابن زنية لكن في الموطأ عن أبي هريرة أنه أفتى بعتق ولد الزنا وعن ابن عمر أنه أعتق ابن زنا. وقال الجمهور: يجزئ عتقه وكرهه علي وابن عباس وابن عمرو بن العاص أخرجه ابن أبي شيبة عنهم بأسانيد لينة.
6716 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ دَبَّرَ مَمْلُوكًا لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَبَلَغَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّى»؟ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَسَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: عَبْدًا قِبْطِيًّا مَاتَ عَامَ أَوَّلَ.
وبه قال: (حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي عارم قال: (أخبرنا ابن زيد) أي ابن درهم (عن عمرو) بفتح العين ابن دينار (عن جابر) أي ابن عبد الله الأنصاري (أن رجلاً من الأنصار) هو أبو مذكور (دبر مملوكًا له) اسمه يعقوب أي علق عتقه بموته (ولم يكن له مال