أبطل بها حق غيره أثم وإن لم يحنث ولو حلف بالطلاق نفعته التورية وإن حلفه الحاكم لأن الحاكم ليس له أن يحلفه بذلك قاله النووي والحديث سبق في مواضع.
ولما فرغ من ذكر الإيمان شرع يذكر أبواب النذور فقال:
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (إذا أهدى) شخص (ماله) أي تصدق به (على وجه النذر والتوبة) بالمثناة الفوقية والموحدة المفتوحتين بينهما واو ساكنة وللكشميهني والقربة بالقاف المضمومة والراء الساكنة بدل الفوقية والواو والجواب محذوف تقديره هل ينفذ ذلك إذا أنجزه أو علقه والنذر بالذال المعجمة هو لغة الوعد بشرط أو التزام ما ليس بلازم أو الوعد بخير أو شر وشرعًا التزام قربة لم تتعين وأركانه صيغة ومنذور وناذر وشرطه في الناذر إسلام واختيار ونفوذ تصرف فيما ينذره فيصح من السكران لا من الكافر لعدم أهليته للقربة ولا من مكره ولا ممن لا ينفذ تصرفه. وفي الصيغة لفظ يشعر بالالتزام كلّله عليّ كذا أو عليّ كذا كعتق وصوم وصلاة فلا يصح إلا بالنية كسائر العقود، وفي النذور كونه قربة لم تتعين نفلاً كانت أو فرض كفاية لم يتعين كعتق وعبادة فلو نذر غير القربة من واجب عيني كصلاة الظهر مثلاً أو معصية كشرب خمر أو مكروه صوم الدهر لمن خاف به الضرر أو فوت حق أو مباح كقيام وقعود سواء نذر فعله أو تركه لم يصح نذره ولم يلزمه بمخالفته كفارة والنذر ضربان نذر لجاج وهو التمادي في الخصومة ويسمى نذر اللجاج
والغضب بأن يمنع نفسه أو غيرها من شيء أو يحث عليه أو يحقق خبرًا غضبًا بالتزام قربة كإن كلمته أو إن لم أكلمه أو إن لم يكن الأمر كما قلته فعليَّ كذا، وفيه عند وجود الصفة ما التزمه أو كفارة يمين ونذر تبرر بأن يلتزم قربة بلا تعليق كعليّ كذا، وكقول من شفي من مرضه لله عليّ كذا لما أنعم الله عليّ من شفائي من مرضي أو يتعلق بحدوث نعمة أو ذهاب نقمة كإن شفى الله مريضي فعليّ كذا فيلزمه ذلك حالاً إن لم يعلقه أو عند وجود الصفة إن علقه.
6690 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِىَ - قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ فِى حَدِيثِهِ: {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118] فَقَالَ فِى آخِرِ حَدِيثِهِ: إِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنِّى أَنْخَلِعُ مِنْ مَالِى صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهْوَ خَيْرٌ لَكَ».
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن صالح) المصري المعروف بابن الطبراني كان أبوه من طبرستان قال: (حدّثنا ابن وهب) عبد الله المصري قال: (أخبرني) بالإفراد (يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري أنه قال: (أخبرني) بالإفراد (عبد الرَّحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك) الأنصاري أبو الخطاب المدني ولأبي ذر كما في اليونينية أخبرني عبد الرَّحمن بن عبد الله عن عبد الله بن كعب بن مالك (وكان) عبد الله (قائد كعب) أبيه (من) بين (بنيه حين عمي) وكان بنوه أربعة عبد الله وعبد الرَّحمن ومحمد وعبيد الله (قال: سمعت) أبي (كعب بن مالك في حديثه) الطويل في قصة تخلفه عن غزوة تبوك السوق هنا مختصرًا ({وعلى الثلاثة الذين خلفوا}) [التوبة: 118] (فقال في آخر حديثه إنّ من) شكر (توبتي أن أنخلع) أي أن أعرى (من مالي) كما يعرى الإنسان إذا خلع ثوبه (صدقة إلى الله ورسوله) إلى بمعنى اللام أي صدقة خالصة لله ورسوله أو تتعلق بصفة مقدّرة أي صدقة واصلة إلى الله أي إلى ثوابه وجزائه وإلى رسوله أي إلى رضاه وحكمه وتصرفه (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(امسك) بكسر المهملة (عليك بعض مالك فهو خير لك) فى سنن أبي داود من توبتي إلى الله أن أخرج من مالي كله إلى الله وإلى رسوله صدقة قال: لا. قلت فثلثه قال: نعم والضمير عائد على المصدر المستفاد من أمسك أي إمساكك بعض مالك خير لك من أن تتضرر بالفقر والفاء في فهو جواب شرط مقدّر أي أن تمسك فهو خير لك.
واستشكل إيراد هذا الحديث في النذور لأن كعبًا لم يصرح بلفظ النذر ولا بمعناه والانخلاع الذي ذكره ليس بظاهر في صدور النذر منه، وإنما الظاهر أنه يؤكد أمر توبته بالتصدق بجميع ماله شكرًا لله تعالى على ما أنعم به عليه. وأجيب: بأن المناسبة للترجمة أن معنى الترجمة أن من أهدى أو تصدق بجميع ماله إذا تاب من ذنب أو إذا نذر هل ينفذ ذلك إذ أنجزه أو علقه. وقصة
كعب هذه منطبقة على التنجيز لكنه لم يصدر منه تنجيز وإنما استشار