من ألبانها وأبوالها) للتداوي، ويحتمل أن يكون قبل نزول التحريم، واستدل بظاهره من قال من الأئمة ما أكل لحمه فبوله طاهر ومباحثه سبقت في الطهارة (فلحقوا براعيه) عليه الصلاة والسلام يسار (فشربوا من ألبانها وأبوالها حتى صلحت أبدانهم) بفتح اللام ولأبي ذر عن الكشميهني حتى صحّت بإسقاط اللام وتشديد الحاء (فقتلوا الراعي وساقوا الإبل فبلغ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ذلك (فبعث في طلبهم) كرز بن جابر في عرين فأدركوهم فأخذوهم (فجيء بهم) إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم) أي أمر من فعل بهم ذلك.
(قال قتادة) بن دعامة بالإسناد المتقدّم (فحدّثني) بالإفراد (محمد بن سيرين أن ذلك) المذكور من سمر أعينهم (كان قبل أن تنزل الحدود) بفتح الفوقية وكسر الزاي وهذا معارض بقول أنس المروي في مسلم من طريق سليمان التيمي إنما سملهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأنهم سملوا أعين الرماة.
ومبحث ذلك يأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الدّيات بعون الله وقوّته.
والحديث أخرجه أيضًا في الحدود.
(باب) ذكر (الحبة السوداء) ومنافعها.
5687 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: خَرَجْنَا وَمَعَنَا غَالِبُ بْنُ أَبْجَرَ فَمَرِضَ فِى الطَّرِيقِ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهْوَ مَرِيضٌ فَعَادَهُ ابْنُ أَبِى عَتِيقٍ فَقَالَ لَنَا: عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الْحُبَيْبَةِ السَّوْدَاءِ فَخُذُوا مِنْهَا خَمْسًا أَوْ سَبْعًا فَاسْحَقُوهَا ثُمَّ اقْطُرُوهَا فِى أَنْفِهِ بِقَطَرَاتِ زَيْتٍ فِى هَذَا الْجَانِبِ وَفِى هَذَا الْجَانِبِ فَإِنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْنِى أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِنَّ هَذِهِ الْحَبَّةَ السَّوْدَاءَ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلاَّ مِنَ السَّامِ» قُلْتُ: وَمَا السَّامُ؟ قَالَ: «الْمَوْتُ».
وبه قال: (حدّثنا عبد الله) أبو بكر (بن أبي شيبة) نسبه لجده واسم أبيه محمد واسم أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي قال: (حدّثنا عبيد الله) بضم العين ابن موسى الكوفي من كبار مشايخ البخاري روي عنه هنا بالواسطة قال: (حدّثنا إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن خالد بن سعد) مولى أبي مسعود البدري الأنصاري أنه (قال: خرجنا ومعنا غالب بن أبجر) بفتح الهمزة وسكون الموحدة وفتح الجيم بعدها راء غير منصرف الصحابي (فمرض) غالب (في الطريق فقدمنا المدينة وهو مريض فعاده ابن أبي عتيق) عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وأبو عتيق كنية أبيه محمد (فقال لنا) عبد الله بن محمد: (عليكم بهذه الحبيبة السوداء) بضم الحاء المهملة وفتح الموحدة مصغرًا، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي السويداء بضم السين مصغرًا (فخذوا منها خمسًا) ما حباتها (أو سبعًا فاسحقوها ثم اقطروها في أنفه بقطرات زيت في هذا الجانب، وفي هذا الجانب) من الأنف وقد ذكر الأطباء في علاج الزكام العارض معه عطاس كثير أنه تقلى الحبة السوداء ثم تدق ناعمًا ثم تنقع في زيت ثم يقطر منها في الأنف ثلاث قطرات فلعل غالب بن أبجر كان مزكومًا فلذا وصفه ابن أبي عتيق له ثم استدلّ بقوله (فإن عائشة -رضي الله عنها- حدّثتني) بالإفراد (أنها سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):
(إن هذه الحبة السوداء شفاء) ولأبي ذر عن الكشميهني أن هذه الحبة السوداء شفاء (من كل داء) يحدث من الرطوبة والبرودة ونحوها من الأمراض الباردة أما الحارة فلا لكن قد تدخل في بعض الأمراض الحار اليابسة بالعرض فتوصل قوى الأدوية الرطبة الباردة إليها بسرعة تنفيذها واستعمال الحار في بعض الأمراض الحارة لخاصية فيه لا يستنكر كالعنزروت فإنه حار ويستعمل في أدوية الرمد المركبة مع أن الرمد ورم حار باتفاق الأطباء، وقد قال أئمة الطب كابن البيطار إن طبع الحبة السوداء حار يابس وهي مُذهِبة للنفخ نافعة من حمى الربع والبلغم مفتحة للسدد والريح مجففة لبلة المعدة، وإذا دقت وعجنت بالعسل وشربت بالماء الحار أذابت الحصى وأدرّت البول والطمث وفيها جلاء وتقطيع، وإذا نقع منها سبع حبات في لبن امرأة وسعط به صاحب
اليرقان أفادت، وإذا شرب منها وزن مثقال ماء أفاد من ضيق النفس والضماد بها ينفع من الصداع البارد.
وقال ابن أبي حمزة: تكلم ناس في هذا الحديث وخصوا عمومه وردوه إلى قول أهل الطب والتجربة ولا خلاف بغلط قائل ذلك لأنا إذا صدقنا أهل الطب ومدار عملهم غالبًا إنما هو على التجربة التي بناؤها على ظن غالب فتصديق من لا ينطق عن الهوى أولى بالقبول من كلامهم انتهى.
وقال في الكواكب: يحتمل