قال فيه شفاء للناس (وكذب بطن أخيك) إذ لم يصلح لقبول الشفاء بل زلّ عنه قال بعضهم فيه إن الكذب قد يطلق على عدم المطابقة في غير الخبر. قال في المصابيح وهو على سبيل الاستعارة التبعية وفيه إشارة إلى تحقيق نفع هذا الدواء (اسقه عسلاً. فسقاه) في الرابعة (فبرأ) بفتح الراء لأنه لما تكرر استعمال الدواء قاوم الداء فأذهبه فاعتبار مقادير الأدوية وكيفياتها ومقدار قوة المرض والمريض من أكبر قواعد الطب. قال في زاد المعاد: وليس طبه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كطب الأطباء فإن طبه عليه الصلاة والسلام متيقن قطعي إلهي صادر عن الوحي ومشكاة النبوة وكمال العقل، وطب غيره حدث وظنون وتجارب.
وهذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم في الطب وكذا الترمذي والنسائي.
(باب الدواء بألبان الإبل) في المرض الذي تصلح له.
5685 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بْنُ مِسْكِينٍ أَبُو رَوْحٍ البَصَرِيُّ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَاسًا كَانَ بِهِمْ سَقَمٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ آوِنَا وَأَطْعِمْنَا فَلَمَّا صَحُّوا قَالُوا: إِنَّ الْمَدِينَةَ وَخِمَةٌ فَأَنْزَلَهُمُ الْحَرَّةَ فِى ذَوْدٍ لَهُ فَقَالَ: اشْرَبُوا أَلْبَانَهَا فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِىَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاسْتَاقُوا ذَوْدَهُ فَبَعَثَ فِى آثَارِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنْهُمْ يَكْدُمُ الأَرْضَ بِلِسَانِهِ حَتَّى يَمُوتَ.
قَالَ سَلاَّمٌ فَبَلَغَنِى أَنَّ الْحَجَّاجَ قَالَ لأَنَسٍ: حَدِّثْنِى بِأَشَدِّ عُقُوبَةٍ عَاقَبَهُ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَحَدَّثَهُ بِهَذَا فَبَلَغَ الْحَسَنَ فَقَالَ: وَدِدْتُ أَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْهُ.
وبه قال (حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي قال (حدّثنا سلام بن مسكين أبو روح البصري) قال (حدّثنا ثابت) البناني (عن أنس) -رضي الله عنه- (أن ناسًا) زاد الإسماعيلي في رواية بهز بن أسد عن سلام من أهل الحجاز وسبق في الطهارة أنهم من عكل أو عرينة بالشك وكانوا ثمانية، أربعة من عكل وثلاثة من عرينة والرابع تابعًا لهم (كان بهم سقم) بفتح السين والقاف وجع في بطونهم (قالوا: يا رسول الله آونا) بمدّ الهمزة وكسر الواو أنزلنا في مأوى (وأطعمنا) بفتح الهمزة وكسر العين فآواهم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأطعمهم (فلما صحوا قالوا: إن المدينة وخمة) وكان السقم الذي كان بهم من الجوع أو من التعب فلما زال عنهم خافوا من وخم المدينة إما لكونهم أهل ريف فلم يعتادوا الحضر أو لما كان في المدينة من الحمى (فأنزلهم) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (الحرة) بفتح الحاء المهملة والراء المشددة في أرض ذات حجارة سود بالمدينة (في ذودٍ له) بفتح الذال المعجمة وسكون الواو بعدها مهملة وكان خمس عشرة (فقال) لهم عليه الصلاة والسلام (اشربوا من ألبانها) فشربوا (فلما صحوا) من ذلك الداء (قتلوا راعي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) يسارًا النوبي (واستاقوا ذوده فبعث) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (في ثأرهم) بمدّ الهمزة عشرين وأمر عليهم كرز بن جابر أو سعيد بن زيد فأخذوا (فقطع) عليه الصلاة والسلام (أبديهم وأرجلهم وسمر أعينهم) بتخفيف الميم وبالراء أي كحلها بالمسامير الحماة ولأبي ذر عن الكشميهني وسمل باللام أي فقأها بحديدة محماة وكانوا قد قطعوا يد الراعي ورجله وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه حتى مات كذا عند ابن سعد وفي مسلم أنهم ارتدّوا وإسناد الفعل إليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مجاز قال أنس (فرأيت الرجل منهم يكدم الأرض بلسانه) زاد بهز في روايته مما يجد من الغم والوجع وعند أبي عوانة في صحيحه يعض الأرض ليجد بردها مما يجد من الحر والشدة (حتى يموت).
وبالسند السابق (قال سلام) المذكور (فبلغني أن الحجاج) بن يوسف الأمير المشهور (قال لأن: حدّثني) بكسر الدال والإفراد (بأشد عقوبة عاقبه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ذكر عاقبه باعتبار العقاب (فحدّثه) أنس (بهذا) الحديث (فبلغ الحسن) البصري (فقال: وددت أنه لم يحدّثه بهذا) الحديث لأنه كان ظالمًا يتمسك في الظلم بأدنى شيء، وفي رواية بهز: فوالله ما انتهى الحجاج حتى قام بها على المنبر فقال حدّثنا أن فذكره وقال قطع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأيدي والأرجل وسمر الأعين في معصية الله أفلا نفعل نحو ذلك في معصية الله وسقط لغير الكشميهني بهذا.
(باب الدواء بأبوال الإبل) لذرب البطن.
5686 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ نَاسًا اجْتَوَوْا فِى الْمَدِينَةِ فَأَمَرَهُمُ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَلْحَقُوا بِرَاعِيهِ يَعْنِى الإِبِلَ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَلَحِقُوا بِرَاعِيهِ فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا حَتَّى صَلَحَتْ أَبْدَانُهُمْ فَقَتَلُوا الرَّاعِىَ وَسَاقُوا الإِبِلَ فَبَلَغَ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَبَعَثَ فِى طَلَبِهِمْ فَجِىءَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، قَالَ قَتَادَةُ: فَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْحُدُودُ.
وبه قال (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: (حدّثنا همام) هو ابن يحيى بن دينار (عن قتادة) بن دعامة (عن أنس -رضي الله عنه- أن ناسًا) من عرينة (اجتووا في المدينة) حصل لهم فيها الجوى وفي رواية أبي قلابة عن أنس اجتووا المدينة فأسقط الجار أي استوخموها (فأمرهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يلحقوا براعيه) يسار النوبي (يعني الإبل) ولمسلم من هذا الوجه أن يلحقوا براعي الإبل (فيشربوا