بسم الله الرحمن الرحيم
(بسم الله الرحمن الرحيم) كذا لأبي ذر.
(كتاب الطب) بتثليث الطاء المهملة قال في القاموس علاج الجسم والنفس يطب ويطب والرفق والسحر وبالكسر الشهوة والإرادة والشأن والعادة وبالفتح الماهر الحاذق بعمله كالطبيب وقال الزمخشري في الأساس جاء فلان يستطب لوجعه أي يستوصف الطبيب قال:
لكل داء دواء يستطب به ... إلا الحماقة أعيت من يداويها
وهذا طباب هذه العلة أي ما تطب به ومن المجاز أنا طب بهذا الأمر عالم به وفلان مطبوب مسحور انتهى. وقال آخر: يقال فلان استطب تعانى الطب ونقل أهل اللغة أنه بالكسر يقال بالاشتراك للمداوي وللتداوي وللداء فهو من الأضداد والطبيب الحاذق في كل شيء وخص به المعالج به في العرف لكن كره تسميته بذلك لقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أنت رفيق الله الطبيب" أي أنت ترفق بالمريض والله الذي يبرئه ويعافيه وترجم له أبو نعيم كراهية أن يسمى الطبيب الله والطب نوعان طب القلوب ومعالجتها بما جاء به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الله.
وطب الأبدان وهو المراد به هنا ومنه ما جاء عن الشارع صلوات الله وسلامه عليه ومنه ما جاء عن غيره وأكثره عن التجربة وهو قسمان ما لا يحتاج إلى فكر ونظر كدفع الجوع والعطش وما يحتاج إليهما كدفع ما يحدث في البدن مما يخرجه عن الاعتدال مما نفصله في كتب القوم فلا نطيل بذكره، وفي كتابي المواهب اللدنية جملة منه وقد زاد الصغائي في نسخته كما نبه عليه في الفتح بعد قوله كتاب الطب والأودوية.
هذا (باب) بالتنوين لفظ باب لأبي ذر، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: لم أر لفظ باب في
نسخ الصحيح إلا للنسفي (ما أنزل الله داء) أي مرضًا وجمعه أدواء (إلا أنزل له شفاء) أي دواء وجمعه أشفية وجمع الجمع أشاف وشفاه يشفيه أبرأه وطلب له الشفاء كأشفاه.
5678 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِىُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ حَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً».
وبه قال (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (محمد بن المثنى) بن عبيد أبو موسى العنزي الزمن البصري قال: (حدّثنا أبو أحمد) محمد بن عبد الله (الزبيري) بضم الزاي وفتح الموحدة نسبة لجدّه أسدي من بني أسد بن خزيمة وقد يشتبه بمن ينسب إلى الزبير بن العوّام لكونهم من بني أسد من عبد العزى قال: (حدّثنا عمرو بن سعيد بن أبي حسين) بضم الحاء وفتح السين وعمرو بفتح العين وسعيد بكسرها النوفلي القرشي المكي قال: (حدّثنا عطاء بن أبي رباح) بالراء والموحدة المفتوحتين (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(ما أنزل الله داء) وللإسماعيلي من داء فالجار زائد (إلا أنزل له شفاء) قال في الكواكب: ما أصاب الله أحدًا بداء إلا قدّر له دواء أو المراد بإنزاله أنزل الملائكة الموكلين بمباشرة مخلوقات الأرض من الدواء والداء انتهى.
فعلى الأول المراد بالإنزال التقدير وعلى الثاني إنزال علم ذلك على لسان الملك للنبي مثلاً أو إلهام بغيره. ولأحمد والبخاري في الأدب المفرد وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم من حديث أسامة بن شريك تداووا يا عباد الله فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء، إلا داء واحدًا الهرم، وفي لفظ إلا السأم بمهملة مخففة يعني الموت، وزاد النسائي من حديث ابن مسعود: فتداووا، ولمسلم من حديث جابر رفعه (لكل داء دواء فإذا أصبت دواء الداء برأ بإذن الله). ومفهومه أن الدواء إذا جاوز الحدّ في الكيفية أو الكمية لا ينجع، بل ربما أحدث داء آخر ولأبي داود عن البراء رفعه (ولا تتداووا بحرام) الحديث، فلا يجوز التداوي بالحرام وزاد في رواية أبي عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود عند النسائي وصححه ابن حبان والحاكم في آخره علمه من علمه وجهله من جهله وفيه أن بعض الأدوية لا يعلمها كل أحد وفيه أن التداوي لا ينافي التوكل لمن أعتقد أنها تبرئ بإذن الله تعالى وبتقديره لا بذاتها وأن الدواء قد ينقلب داء إذا أراد الله ذلك كما أشار إليه في حديث جابر