ولا يعلم اسم أبيه مما وصله أبو العباس بن أبي نجيح في فوائده من رواية محمد بن سعيد بن سابق القزويني عنه (وإبراهيم بن طهمان) بفتح الطاء المهملة وسكون الهاء مما وصله الإسماعيلي من رواية محمد بن سابق التميمي الكوفي نزيل بغداد كلاهما (عن منصور عن إبراهيم وأبي الضحى) مسلم بن صبيح (إذا أُتي بالمريض) بضم همزة أُتي مبنيًّا للمجهول، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: إذا أتى المريض بفتح الهمزة والفوقية وإسقاط الجار. (وقال جرير) هو ابن عبد الحميد مما وصله ابن ماجة (عن منصور عن أبي الضحى) وحده (وقال: إذا أتى) بفتح الهمزة (مريضًا).
(باب وضوء العائد للمريض) إذا كان ممن يتبرك به.
5676 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما -، قَالَ: دَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنَا مَرِيضٌ فَتَوَضَّأَ فَصَبَّ عَلَىَّ أَوْ قَالَ: "صُبُّوا عَلَيْهِ" فَعَقَلْتُ فَقُلْتُ: لاَ يَرِثُنِى إِلاَّ كَلاَلَةٌ فَكَيْفَ الْمِيرَاثُ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ.
وبه قال (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (محمد بن بشار) المشهور ببندار قال: (حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن محمد بن المنكدر) أنه (قال: سمعت جابر بن عبد الله) الأنصاري (-رضي الله عنهما- قال: دخل عليّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا) والحال إني (مريض فتوضأ) الوضوء الشرعي (وصب عليّ) ما تقاطر من ماء وضوئه (أو قال صبوا عليه) ذلك الماء (فعقلت) بفتح العين والقاف فأفقت من إغمائي (فقلت: يا رسول الله لا يرثني إلاّ كلالة) أي ما عدا الولد والوالد (فكيف الميراث فنزلت آية الفرائض) {يوصيكم الله في أولادكم} [النساء: 11]
وفيه أن وضوء العائد للمريض إذا كان إمامًا في الخير يتبرك به وإن صبّه مما يرجى نفعه وقيل كان مرض جابر الحمى المأمور ببرادها بالماء وصفة ذلك أن يتوضأ الرجل المرجوّ خيره وبركته ويصب فضل وضوئه عليه قاله ابن بطال وغيره. وهذا الحديث سبق قريبًا في عيادة المغمى عليه.
(باب مَن دعا برفع الوياء) بالمد ويقصر هو الطاعون والمرض العام (والحمى) بالقصر المرض المعروف.
5677 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلاَلٌ قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ وَيَا بِلاَلُ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَتْ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ:
كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِى أَهْلِهِ ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ
وَكَانَ بِلاَلٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ فَيَقُولُ:
أَلاَ لَيْتَ شِعْرِى هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِى إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ
وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مِجَنَّةٍ ... وَهَلْ تَبْدُوَنْ لِى شَامَةٌ وَطَفِيلُ
قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِى صَاعِهَا وَمُدِّهَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ».
وبه قال (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثني) بالإفراد (مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها (قالت: لما قدم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) المدينة مهاجرًا (وعك) أي حم (أبو بكر) الصديق (وبلال) المؤذن (قالت: فدخلت عليهما) أعودهما (فقلت: يا أبت كيف تجدك) أي تجد نفسك (ويا بلال كيف تجدك؟ قالت) -رضي الله عنها- (وكان أبو بكر) -رضي الله عنه- (إذا أخذته الحمى يقول: كل امرئ مصبح) مقول له (في أهله) أنعم صباحًا (والموت أدنى) أي أقرب إليه (من شراك نعله) السير الذي عليها (وكان بلال إذا أقلع) بضم الهمزة وكسر اللام أزيل (عنه) ألم الحمى (يرفع عقيرته) بالقاف المكسورة بعد العين المهملة المفتوحة صوته (فيقول: ألا ليت شعري) بفتح همزة ألا وتخفيف لامها (هل أبيتن ليلة بواد) يعني وادي مكة (وحولي إذخر) النبت المعروف الطيب العرف وهو بالمعجمتين الساكنة ثم المكسورة (وجليل) نبت ضعيف وهو بالجيم (وهل أردن يومًا مياه مجنة) بكسر الميم وفتح الجيم موضع كان به سوق للجاهلية (وهل يبدون) يظهرن (لي شامة) بالمعجمة وتخفيف الميم (وطفيل) بالمهملة بعدها فاء عينان أو جبلان بقرب مكة (قال) عروة (قالت عائشة فجئت رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبرنه) بخبرهما (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد وصححها وبارك لنا في صاعها ومدها وانقل حماها فاجعلها بالجحفة) وهي مهيعة وكان أهلها يهود شديدي الإيذاء للمؤمنين فلذلك دعا عليهم بظهور الحمى فيهم وإعدامها من أهل المدينة.
ولم يذكر في هذا الحديث لفظ الوباء الذي ترجم به. وأجيب: بأنه أشار إلى ما وقع في بعض طرقه كما سبق في أواخر الحج بلفظ قالت عائشة -رضي الله عنها-: فقدمنا المدينة وهي أوبأ أرضي الله، واستشكل أيضًا الدعاء برفع الوباء لأنه يتضمن الدعاء برفع الموت والموت حتم مقضي فيكون ذلك عبثًا. وأجيب: بأنه لا ينافي التعبد بالدعاء لأنه قد يكون من جملة الأسباب في طول العمر أو رفع المرض.