تزوج رجل منا امرأة من جهينة فولدت لتمام ستة أشهر فانطلق زوجها إلى عثمان فذكر ذلك له فبعث إليها فلما قامت لتلبس ثيابها بكت أختها فقالت: ما يبكيك؟ فوالله ما التبس بي أحد من خلق الله غيره قطّ فيقضي الله فيّ ما شاء فلما أتي بها عثمان أمر برجمها فبلغ ذلك عليًّا فأتاه فقال له: ما تصنع؟ قال: ولدت تمامًا لستة أشهر وهل يكون ذلك؟ فقال له عليّ: أما تقرأ القرآن؟ قال: بلى. قال: أما سمعت الله تعالى يقول: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا} وقال: {حولين كاملين} فلم تجد قد بقي إلا ستة أشهر فقال عثمان: والله ما فطنت لهذا عليّ بالمرأة قال: فوجدوها قد فرغ منها رواه ابن أبي حاتم.
(وقال): تعالى ({وإن تعاسرتم}) أي تضايقتم فلم ترض الأم بما ترضع به الأجنبية ولم يزد الأب على ذلك ({فسترضع له أخرى}) فستوجد ولا تعوز مرضعة غير الأم ترضعه وفيه طرف
من معاتبة الأم على المعاشرة، وقوله له أي للأب أي سيجد الأب غير معاشرة ترضع له ولده إن عاشرته أمه، وفيه أنه لا يجب على الأم إرضاع ولدها، نعم عليها إرضاعه اللبأ بالهمزة والقصر بأجرة وبدونها لأنه لا يعيش غالبًا إلا به وهو اللبن أول الولادة ثم بعده إن انفردت هي أو أجنبية وجب إرضاعه على الموجودة منهما وله إجبار أمته على إرضاع ولدها منه أو من غيره لأن لبنها ومنافعها له بخلاف الحرّة ({لينفق ذو سعة من سعته}) أي لينفق كل واحد من الموسر والمعسر ما بلغه وسعه يريد ما أمر به من الإنفاق على المطلقات والمرضعات ({ومن قُدر عليه رزقه}) أي ضيق عليه أي رزقه الله على قدر قوته (إلى قوله: {بعد عسر يسرًا}) [الطلاق: 6، 7]. أي بعد ضيق في المعيشة سعة وهذا وعد لذي العسر باليسر ووعده تعالى حق وهو لا يخلفه. قال في فتوح الغيب: يقال إنه موعد لفقراء ذلك الوقت ويدخل فيه فقراء الأزواج دخولًا أولويًّا.
(وقال يونس) بن يزيد الأيلي فيما وصله عبد الله بن وهب في جامعه (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (نهى الله تعالى أن تضار والدة بولدها) في قوله جل وعلا: {لا تكلف نفس إلا وسعها} [الأنعام: 152] (لا تضار والدة بولدها وذلك أن تقول الوالدة) للوالد (لست مرضعته) أو تطلب منه ما ليس بعدل من الرزق والكسوة وأن تشغل قلبه بالتفريط في شأن الولد وأن تقول بعد ما ألفها الولد اطلب له ظئرًا وما أشبه ذلك (وهي أمثل له غذاء) بمعجمتين أولاهما مكسورة (وأشفق عليه وأرفق به من غيرها فليس لها أن تأبى) إرضاعه (بعد أن يعطيها) الوالد (من نفسه ما جعل الله عليه) من الرزق والكسوة (وليس للمولود له أن يضار بولده) أي بسبب ولده (والدته فيمنعها أن ترضعه) وهي تريد إرضاعه (ضررًا لها) منتهيًا (إلى) رضاع (غيرها) فإلى متعلق بيمنعها (فلا جناح عليهما) أي الأبوين (أن يسترضعا) ظئرًا (عن طيب نفس الوالد والوالدة فإن) بالفاء ولأبي ذر: إن (أرادا فصالًا عن تراض منهما وتشاور) بينهما (فلا جناح عليهما) في ذلك (بعد أن يكون ذلك عن تراض منهما وتشاور) سواء زادا على الحولين أو نقصا وهو توسعة بعد التحديد والتشاور واستخراج الرأي وذكره ليكون التراضي عن تفكر فلا يضر الرضيع فسبحان من أدّب الكبير ولم يهمل الصغير واعتبر اتفاق الأبوين لما للأب من النسب والولاية وللأم من الشفقة والعناية.
(فصاله) قال ابن عباس: فيما أخرجه الطبري يعني (فطامه) بنصب الميم في اليونينية أي منعه من شرب اللبن.
(باب نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها ونفقة الولد) بخفض ونفقة عطفًا على المضاف إليه إذا غاب الزوج الموسر عن زوجته فليس لها فسخ النكاح لتمكنها من تحصيل حقها بالحاكم فيبعث قاضي بلدها إلى قاضي بلده فيلزمه بدفع نفقتها إن علم موضعه، واختار القاضي الطبري وابن الصبّاغ جواز الفسخ لها إذا تعذّر تحصيلها في غيبته للضرورة، وقال الروياني وصاحب العدّة: إن
الفتوى عليه، ولو انقطع خبره ثبت لها الفسخ لأن تعذّر النفقة بانقطاع خبره كتعذرها بالإفلاس نقله الزركشي عن