لنفسه (دونكم ولا استأثر) ما استقل (بها عليكم لقد أعطاكموها) أي أموال الفيء (وبثها) بالموحدة والمثلثة المشددة وفرقها (فيكم حتى بقي منها هذا المال) فدك وخيبر وبنو النضير (فكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال) وهذا موضع الترجمة (ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل) أي موضع (مال الله) لمصالح المسلمين (فعمل بذلك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-حياته. أنشدكم بالله) ولأبي ذر: أنشدكم الله بحذف حرف الجر والنصب (هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم. قال): وفي الخمس ثم قال: العين وعباس أنشدكما بالله هل تعلمان ذلك؟ قالا: نعم، ثم توفى الله نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقبضها أبو بكر يعمل) ولأبي ذر فعمل (فيها بما عمل به فيها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنتما حينئذ وأقبل على عليّ وعباس) جملة معترضة (تزعمان) خبر لقوله أنتما (أن أبا بكر كذا وكذا) أي منعكما ميراثكما منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (والله يعلم أنه فيها لصادق) في القول (بارّ) في العمل (راشد) في الاقتداء برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (تابع للحق ثم توفّى الله أبا بكر فقلت أنا وليّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبي بكر) -رضي الله عنه- (فقبضتها سنتين) من إمارتي (أعمل فيها بما عمل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر) -رضي الله عنه- (ثم جئتماني وكلمتكما واحدة وأمركما جميع) أي مجتمع لم يكن بينكما منازعة (جئتني) يا عباس (تسألني نصيبك من ابن أخيك) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (وأتى هذا) أي عليّ ولأبي ذر عن الحموي والمستملي وإن هذا (يسألني نصيب امرأته) فاطمة -رضي الله عنها- (من أبيها) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فقلت) لكما (إن شئتما دفعته إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل به) فيها (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبما عمل فيها أبو بكر) -رضي الله عنه- (وبما عملت به فيها منذ وليتها) فلا تتصرفان فيها على جهة التمليك إذ هي صدقة محرّمة التمليك بل افعلا فيها كما فعل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصاحباه بعده (وإلاّ) بأن لم تفعلًا فيها ما ذكر (فلا تكلماني فيها فقلتما ادفعها إلينا بذلك فدفعتها إليكما بذلك) ثم قال للرهط: (أنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك؟ فقال الرهط: نعم قال؛ فأقبل عمر) (على عليّ وعباس فقال: أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك؟ قالا: نعم قال) عمر: (أفتلتمسان) أفتطلبان (مني قضاء) حكمًا (غير ذلك) الحكم الذي حكمت فيها (فوالذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنها فادفعاها) إليّ (فأنا أكفيكماها).
وهذا الحديث سبق في فرض الخمس والله الموفق والمعين.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}
إِلَى قَوْلِهِ: {بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} وَقَالَ: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا} وَقَالَ: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى * لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} إِلَى قَوْلِهِ: {بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} وَقَالَ يُونُسُ: عَنِ الزُّهْرِيِّ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا، وَذَلِكَ أَنْ تَقُولَ الْوَالِدَةُ، لَسْتُ مُرْضِعَتَهُ، وَهْيَ أَمْثَلُ لَهُ غِذَاءً وَأَشْفَقُ عَلَيْهِ وَأَرْفَقُ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْبَى بَعْدَ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ نَفْسِهِ مَا جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْمَوْلُودِ لَهُ أَنْ يُضَارَّ بِوَلَدِهِ وَالِدَتَهُ فَيَمْنَعَهَا أَنْ تُرْضِعَهُ ضِرَارًا لَهَا إِلَى غَيْرِهَا، فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَسْتَرْضِعَا عَنْ طِيبِ نَفْسِ الْوَالِدِ وَالْوَالِدَةِ. فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ. فِصَالُهُ فِطَامُهُ.
هذا (باب) بالتنوين (وقال الله تعالى): وسقط لفظ وقال الله تعالى لأبي ذر ({والوالدات يرضعن أولادهن}) خبر في معنى الأمر المؤكد كيتربصن وهذا الأمر على وجه الندب أو على وجه الوجوب إذا لم يقبل الصبي إلا ثدي أمه أو لم يوجد له ظئر أو كان الأب عاجزًا عن الاستئجار أو أراد الوالدات المطلقات وإيجاب النفقة والكسوة لأجل الرضاع وعبّر بلفظ الخبر دون لفظ الإلزام كأن يقول وعلى الوالدات إرضاع أولادهن كما جاء بعد وعلى الوارث مثل ذلك إشارة إلى عدم الوجوب ({حولين}) ظرف ({كاملين}) تامين وهو تأكيد لأنه مما يتسامح فيه فإنك تقول أقمت عند فلان حولين ولم تستكملهما ({لمن أراد أن يتم الرضاعة}) بيان لمن توجه إليه الحكم أي هذا الحكم لمن أراد إتمام الرضاع (إلى قوله: {بما تعملون بصير}) [البقرة: 233] لا تخفى عليه أعمالكم فهو يجازيكم عليها (وقال) تعالى: {وحمله وفصاله}) ومدة حمله وفطامه ({ثلاثون شهرًا}) [الأحقاف: 15] استدل عليّ -رضي الله عنه- بهذه الآية مع التي في لقمان (وفصاله في عامين} [لقمان: 14] قوله: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين} على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر وهو كما قاله ابن كثير استنباطًا قوي صحيح ووافقه عليه عثمان وغيره من الصحابة رضي الله عنهم فروى محمد بن إسحاق عن معمر بن عبد الله الجهني قال: