وإنما كان زيد يطلب التثبّت عمن تلقاها بغير واسطة ولقد اجتمع في هذه الآية كما قاله الخطابي زيد بن ثابت، وأبو

خزيمة، وعمر، وسقط قوله: {عزيز عليه ما عنتم} لأبي ذر. (فكانت الصحف) التي جمع فيها زيد بن ثابت القرآن (عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حياته) حتى توفاه الله (ثم عند حفصة بنت عمر -رضي الله عنه-) وعنها لأنها كانت وصية عمر فاستمر ما كان عنده عندها إلى أن شرع عثمان في كتابة المصحف.

وهذا الحديث سبق في تفسير براءة.

4987 - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ، وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلاَفُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلاَفَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى: فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ. فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلاَثَةِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ، فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا، وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ.

وبه قال: (حدّثنا موسى) بن إسماعيل المنقري التبوذكي قال: (حدّثنا إبراهيم) بن سعد العوفي قال: (حدّثنا ابن شهاب) محمد بن مسلم (أن أنس بن مالك حدّثه أن حذيفة بن اليمان) واسم اليمان حسيل بمهملتين مصغرًا وقيل حسل بكسر ثم سكون العبسي بالموحدة حليف الأنصار (قدم على عثمان) المدينة في خلافته (وكان) عثمان (يغازي أهل الشام) أي يجهّز أهل الشام (في فتح أرمينية) بكسر الهمزة وتفتح وسكون الراء وكسر الميم والنون بينهما تحتية ساكنة وبعد النون تحتية أخرى مخففة وقد تثقل مدينة عظيمة بين بلاد الروم وخلاط قريبة من أرزن الروم. قال ابن السمعاني: يضرب بحسنها وطيب هوائها وكثرة مياهها وشجرها المثل (وأذربيجان) وأمر أهل الشام أن يجمعوا (مع) ولأبي ذر عن الكشميهني في (أهل العراق) في غزوهما وفتحهما.

وأذربيجان بفتح الهمزة وسكون الذال المعجمة وفتح الراء وكسر الموحدة وسكون التحتية وفتح الجيم وبعد الألف نون قرأت في معجم ياقوت وفتح قوم الذال وسكون الراء ومدّ آخرون الهمزة مع ذلك، وروي عن المهلب ولا أعرف للمهلب هذا آذربيجان بمدّ الهمزة وسكون الذال فيلتقي ساكنان وكسر الراء ثم ياء ساكنة وباء موحدة مفتوحة وجيم وألف ونون وهو اسم اجتمعت فيه خمس موانع من الصرف العجمة والتعريف والتأنيث والتركيب ولحاق الألف والنون، وهو إقليم واسع ومن مشهور مدنه تبريز وهو صقع جليل ومملكة عظيمة وخيرات واسعة وفواكه جمة لا

يحتاج السالك فيها إلى حمل إناء للماء لأن المياه جارية تحت أقدامه أين توجه وأهلها صباح الوجوه حمرها ولهم لغة يقال لها الأذرية لا يفهمها غيرهم وفي أهلها لين وحُسن معاملة إلا أن البخل يغلب على طباعهم وهي بلاد فتن وحروب ما خلت قطّ من فتنة فيها فلذلك أكثر مدنها خراب، وافتتحت أولًا في أيام عمر بن الخطاب كان أنفذ المغيرة بن شعبة الثقفي واليًا على الكوفة ومعه كتاب إلى حذيفة بن اليمان بولاية أذربيجان فورد عليه الكتاب بنهاوند فسار منها إلى أذربيجان في جيس كثيف فقاتل المسلمون قتالًا شديدًا، ثم إن المرزبان صالح حذيفة على ثمانمائة ألف درهم على أن لا يقتل منهم أحدًا ولا يسبيه ولا يهدم بيت نار، ثم عزل عمر حذيفة وولى عتبة بن فرقد على أذربيجان، ولما استعمل عثمان بن عفان الوليد بن عتبة على الكوفة عزل عتبة بن فرقد عن أذربيجان فنقضوا فغزاهم الوليد بن عتبة سنة خمس وعشرين وكان حذيفة من جملة مَن غزا معه.

(فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هده الأمة) المحمدية (قبل أن يختلفوا في الكتاب) أي القرآن (اختلاف اليهود والنصارى) في التوراة والإنجيل، وفي رواية عمارة بن غزية أن حذيفة قال: يا أمير المؤمنين أدرك الناس قال: وما ذاك؟ قال: غزوت فرج أرمينية فإذا أهل الشام يقرأون بقراءة أُبيّ بن كعب ويأتون بما لم يسمع أهل العراق، وإذا أهل العراق يقرأون بقراءة ابن مسعود فيأتون بما لم يسمع أهل الشام فيكفر بعضهم بعضًا.

وروى ابن أبي داود بإسناد صحيح من طريق سويد بن غفلة قال: قال عليّ: لا تقولوا في عثمان إلا خيرًا فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منّا. قال: ما تقولون في هذه القراءة فقد بلغني أن بعضهم يقول قراءتي خير من قراءتك، وهذا لا يكاد أن يكون كفرًا. قلنا: فما ترى؟ قال: أرى أن تجمع الناس على مصحف واحد فلا تكون فرقة ولا اختلاف. قلنا:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015