قَوْلِهِ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} يُقَالُ: أَوْحَى لَهَا أَوْحَى إِلَيْهَا، وَوَحَى لَهَا وَوَحَى إِلَيْهَا وَاحِدٌ.
([99] سورة {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا})
مصدر مضاف لفاعله أي اضطرابها المقدّر لها عند النفخة الأولى أو الثانية.
(قوله: ({فمن}) ولأبي ذر سورة إذا زلزلت. بسم الله الرحمن الرحيم باب: {فمن} ({يعمل مثقال ذرة}) زنة نملة صغيرة ({خيرًا يره}) [الزلزلة: 7] جواب الشرط في الموضعين يرَ ثوابه وهي مدنية أو مكية وآيها تسع (يقال: أوحى لها) أي (أوحى إليها ووحى لها ووحى إليها) بغير ألف في الآخرين (واحد) في المعنى فاللام بمعنى إلى وإنما أوثرت على إلى لموافقة الفواصل وقيل اللام بمعنى من أجل والموحى إليه محذوف أي أوحى إلى الملائكة من أجل الأرض، والصواب أن الأمر بالكلام للأرض نفسها وأذن لها أن تخبر عما عمل عليها قيل إن الله تعالى يخلق في الأرض الحياة والنطق حتى تخبر بما أمرها الله تعالى، وهذا مذهب أهل السُّنَّة.
وقال الزجاج: أوحى لها القرار فاستقرت وهذا ساقط للحموي.
4962 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ،
وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ. وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ. فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ فِي الْمَرْجِ وَالرَّوْضَةِ كَانَ لَهُ حَسَنَاتٍ. وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِي بِهِ كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، فَهْيَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَجْرٌ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلاَ ظُهُورِهَا فَهْيَ لَهُ سِتْرٌ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً فَهْيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ». فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْحُمُرِ، قَالَ: «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ فِيهَا إِلاَّ هَذِهِ الآيَةَ الْفَاذَّةَ الْجَامِعَةَ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7 و8]».
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) بن أبي أويس المدني قال: (حدّثنا) وبالإفراد لأبي ذر (مالك) الإمام الأعظم (عن زيد بن أسلم) العدوي (عن أبي صالح) ذكوان (السمان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(الخيل لثلاثة، لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر فأما) الرجل (الذي) هي (له أجر فرجل ربطها) للجهاد (في سبيل الله) تعالى (فأطال لها) في الحبل الذي ربطها به حتى تسرح للرعي (في مرج) موضع كلأ وسقط لها لأبي ذر (أو روضة) بالشك (فما أصابت) أي ما أكلت وشربت ومشت (في طيلها ذلك) بكسر الطاء المهملة وفتح التحتية أي حبلها المربوطة فيه (في المرج) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي من المرج (والروضة) بغير ألف قبل الواو (كان له) أي لصاحبها (حسنات) في الآخرة (ولو أنها قطعت طيلها) المذكور (فاستنت) بفتح الفوقية وتشديد النون أي عدت بمرح ونشاط (شرفًا) بفتح المعجمة والراء والفاء (أو شرفين) شوطًا أو شوطين فبعدت عن الموضع الذي ربطها صاحبها فيه ترعى ورعت في غيره (كانت آثارها) بالمثلثة في الأرض بحوافرها عند مشيها (وأرواثها) بالمثلثة (حسنات له) لصاحبها في الآخرة (ولو أنها مرت بنهر) بفتح الهاء وسكونها (فشربت منه) بغير قصد صاحبها (ولم يرد أن يسقي به كان ذلك) أي شربها وإرادته أن يسقيها (حسنات له) في الآخرة (فهي) بالفاء ولأبي ذر وهي (لذلك الرجل) الذي ربطها (أجر).
أما الذي هي له ستر فهو (رجل ربطها تغنيّا) أي استغناء عن الناس (وتعففًا) عن سؤالهم يتردد عليها لحاجاته (ولم ينس حق الله في رقابها) بأن يؤدي زكاة تجارتها (ولا ظهورها) بتأنَّ يركب عليها في سبيل الله (فهي) أي الخيل ولأبي ذر عن الكشميهني فهو أي ذلك الفعل الذي فعله (له ستر) يحجبه عن الفاقة.
(و) أما الذي هي عليه وزر فهو (رجل ربطها فخرًا) أي لأجل الفخر (ورياء) أي إظهارًا للطاعة والباطن بخلافه (ونواء) بكسر النون وفتح الواو ممدودًا أي عداوة زاد في الجهالة لأهل الإسلام (فهي على ذلك) الرجل (وزر فسئل) بالفاء وضم السين مبنيًّا للمجهول والسائل
صعصعة بن ناجية ولأبي ذر وسئل (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الحمر) هل لها حكم الخيل (قال: ما أنزل الله عليّ فيها إلا هذه الآية الفاذة) بالفاء والمعجمة المشددة القليلة المثل المنفردة في معناها (الجامعة) لكل الخيرات والسرور ({فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره* ومن يعمل مثقال ذرة شرًّا يره}) [الزلزلة: 7 و8] روى الإمام أحمد عن صعصعة بن معاوية عمّ الفرزدق أنه أتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقرأ الآية فقال حسبي لا أبالي أن لا أسمع غيرها.
هذا (باب) بالتنوين أي في قوله جل وعلا ({وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}) [الزلزلة: 8] ثبت لفظ باب لأبي ذر.
4963 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه سُئِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْحُمُرِ فَقَالَ: «لَمْ يُنْزَلْ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلاَّ هَذِهِ الآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}».
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن سليمان) الجعفي الكوفي سكن مصر (قال: حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا (ابن وهب) عبد الله المصري