للحموي والمستملي من التزميل وهو التلفيف وطلب ذلك ليسكن ما حصل له من الرعدة من شدة هول الأمر وثقله (فزملوه) بفتح الميم كما أمرهم (حتى ذهب عنه الروع) بفتح الراء أي الفزع (قال لخديجة: أي خديجة ما لي لقد) ولأبي ذر عن الكشميهني قد (خشيت على نفسي) أن لا أطيق حمل أعباء الوحي لما لقيته عند لقاء الملك (فأخبرها الخبر قالت خديجة) له عليه الصلاة والسلام: (كلا) أي لا خوف عليك (أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدًا) بالخاء المعجمة والزاي المكسورة وفي مرسل عبيد بن عمير أبشر يا ابن عم واثبت فوالذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة (فوالله إنك لتصل الرحم) أي القرابة (وتصدق الحديث وتحمل الكل) بفتح الكاف وتشديد اللام الضعيف المنقطع واليتيم (وتكسب المعدوم) بفتح التاء وكسر السين تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك (وتقري الضيف) بفتح أوّله من الثلاثي (وتعين على نوائب الحق) حوادثه.
(فانطلقت به خديجة) مصاحبة له (حتى أتت به ورقة بن نوفل) أي ابن أسد (وهو ابن عم خديجة أخي) ولأبي ذر أخو (أبيها) لأنه ورقة بن نوفل بن أسد وهي خديجة بنت خويلد بن أسد (وكان) ورقة (امرأ تنصّر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العربي ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب) أي كتابته وذلك لتمكنه في دين النصارى ومعرفته بكتابهم (وكان) ورقة (شيخًا كبيرًا) حال كونه (قد عمي فقالت خديحة: يا عم) ولأبي ذر يا ابن عم (اسمع من ابن أخيك) تعني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأن الأب الثالث لورقة هو الأخ للأب الرابع لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي اسمع منه الذي يقوله. (قال) له عليه الصلاة والسلام (ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خبر ما رأى فقال) له (ورقة: هذا الناموس) أي جبريل (الذي أنزل) بضم الهمزة (على موسى) وفي رواية الزبير بن بكار على عيسى وقد سبق في بدء الوحي مبحث ذلك (ليتني) وفي بدء الوحي يا ليتني بأداة النداء (فيها) في مدة النبوّة أو الدعوة (جدعًا) بفتح الجيم والمعجمة أي: ليتني شاب فيها (ليتني أكون حيًّا ذكر) ورقة بعد ذلك (حرفًا) وهي في الرواية الأخرى إذ يخرجك قومك أي من مكة (قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أو مخرجي هم) بفتح الواو وتشديد التحتية وهم مبتدأ ومخرجي خبره مقدمًا وقدم الهمزة على العاطف لأن الاستفهام له الصدر نحو أو لم ينظروا والاستفهام للإنكار
وبقية المباحث سبقت أوّل الكتاب (قال ورقة: نعم لم يأت رجل بما جئت به) من الوحي (إلا أُوذي) بضم الهمزة وكسر الذال المعجمة وفي بدء الوحي إلا عُودِيَ (وإن يدركني) بالجزم بإن الشرطية (يومك) فاعل يدركني أي يوم انتشار نبوّتك (حيًّا أنصرك) بالجزم جواب الشرط (نصرًا مؤزرًا) قومًا بليغًا صفة لنصر المنصوب على المصدرية (ثم لم ينشب ورقة) لم يلبث (أن توفي وفتر الوحي) أي احتبس (فترة حتى حزن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وللحموي النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).
زاد في التعبير من طريق معمر عن الزهري فيما بلغنا حزنًا غدًا منه مرارًا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدّى له جبريل فقال: يا محمد إنك رسول الله حقًّا فيسكن لذلك جأشه وتقرّ نفسه فيرجع فإذا طالت عليه فترة الوحي غدًا لمثل ذلك فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك. وهذه الزيادة خاصة برواية معمر والقائل فيما بلغنا الزهري وليس موصولًا. نعم يحتمل أن يكون بلغه بالإسناد المذكور وسقط قوله فيما بلغنا عند ابن مردويه في تفسيره من طريق محمد بن كثير عن معمر.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: والأوّل هو المعتمد، وقوله غدًا بالغين المعجمة من الذهاب غدوة أو بالعين المهملة من العدوة وهو الذهاب بسرعة وأما إرادته عليه الصلاة والسلام إلقاء نفسه من رؤوس شواهق الجبال فحزنًا على ما فاته من الأمر الذي بشره به ورقة وحمله القاضي عياض على أنه لما أخرجه من