بن مصرف أنه (قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنهما- أوصى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فقال: لا). لم يوص بثلث ماله ولا غيره ولا أوصى إلى علي ولا إلى غيره خلاف ما تزعمه الشيعة (فقلت: كيف كتب) بضم الكاف وكسر التاء (على الناس الوصية أو أمروا بها) بضم الهمزة (قال: أوصى بكتاب الله) أي بما أمر فيه ومنه الأمر بالوصية. والحديث مر في الوصايا.
4461 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا، وَلاَ عَبْدًا وَلاَ أَمَةً إِلاَّ بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ الَّتِي كَانَ يَرْكَبُهَا وَسِلاَحَهُ، وَأَرْضًا جَعَلَهَا لاِبْنِ السَّبِيلِ صَدَقَةً.
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا أبو الأحوص) سلام بتشديد اللام ابن سليم الحنفي (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (عن عمرو بن الحارث) بفتح العين أخي جويرية أم المؤمنين أنه (قال: ما ترك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دينارًا ولا درهمًا ولا عبدًا ولا أمة) في الرق وفيه دلالة على أن من ذكر من رقيق النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في جميع الأخبار كان إما مات وإما أعتقه (إلا بغلته البيضاء النبي كان يركبها وسلاحه) وقد أخبر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه لا يورث وأن ما يخلفه صدقة (وأرضًا) بخيبر وفدك (جعلها) في حياته (لابن السبيل صدقة).
4462 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ -: وَاكَرْبَ أَبَاهُ فَقَالَ لَهَا: «لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ». فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ: يَا أَبَتَاهْ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ يَا أَبَتَاهْ مَنْ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ يَا أَبَتَاهْ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ -: يَا أَنَسُ أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- التُّرَابَ.
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: (حدّثنا حماد) هو ابن زيد (عن ثابت) البناني (عن أنس -رضي الله عنه-) أنه (قال: لما ثقل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي اشتدّ به المرض (جعل يتغشاه)
الكرب (فقالت فاطمة) ابنته (عليها السلام: واكرب أباه) بألف الندبة والهاء الساكنة للوقف والمراد بالكرب ما كان عليه الصلاة والسلام يجده من شدة الموت، فقد كان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما يصيب جسده الشريف من الآلام كالبشر ليتضاعف أجره، وقول الزركشي: إن في قولها هذا نظرًا، وقد رواه مبارك بن فضالة واكرباه تعقب بأنه لا يدفع رواية البخاري مع صحتها بمثل هذا لا سيما مع قوله (فقال) عليه الصلاة والسلام (لها):
(ليس على أبيك كرب بعد) هذا (اليوم) إذ هو ذاهب إلى حضرة الكرامة وهو يدل على أنها قالت: واكرب أباه كما لا يخفى (فلما مات) صلوات الله وسلامه عليه (قالت: يا أبتاه) أصله يا أبي والفوقية بدل من التحتية والألف للندبة والهاء للسكت (أجاب ربا دعاه) إلى حضرته القدسية (يا أبتاه من جنة الفردوس) بفتح ميم من مبتدأ والخبر قوله (مأواه) منزله (يا أبتاه إلى جبريل ننعاه) بإلى الجارة وننعاه بنونين الأولى مفتوحة والثانية ساكنة، وزاد الطبراني في معجمه الكبير والدارمي في مسنده يا أبتاه من ربه ما أدناه (فلما دفن) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (قالت فاطمة عليها السلام: يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا) بالمثناة الفوقية المفتوحة والحاء المهملة الساكنة والمثلثة المضمومة (على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- التراب) سكت أنس عن جوابها رعاية لها ولسان حال يقول: لم تطب أنفسنا بذلك إلا أنا قهرنا على فعل ذلك امتثالاً لأمره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وليس قولها: واكرب أباه من النياحة لأنه عليه الصلاة والسلام أقرها عليه.
وهذا الحديث أخرجه ابن ماجه في الجنائز وقد عاشت فاطمة بعده عليه الصلاة والسلام ستة أشهر فما ضحكت تلك المدة وحق لها ذلك، وروي أنها قالت:
اغبر آفاق السماء وكوّرت ... شمس النهار وأظلم العصران
والأرض من بعد النبي كئيبة ... أسفا عليه كثيرة الرجفان
فليبكه شرق البلاد وغربها ... ولتبكه مضر وكل يماني
قال السهيلي: وقد كان موته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خطبًا كالحًا ورزءًا لأهل الإسلام فادحًا كادت تهدّ له الجبال وترجف الأرض وتكسف النيرات لانقطاع خبر السماء مع ما آذن به موته عليه الصلاة من إقبال الفتن السحم والحوادث الدهم والكرب المدلهمة، فلولا ما أنزل الله من السكينة على المؤمنين، وأسرج في قلوبهم من نور اليقين وشرح صدورهم من فهم كتابه المبين لانقصمت الظهور وضاقت عن الكرب الصدور ولعاقهم الجزع عن تدبير الأمور، ولقد كان