أو الفضل العراقي وابن القيم بأن ثنية الوداع إنما هي من ناحية الشام لا يراها القادم من مكة ولا يمر بها إلا إذا توجه من الشام، وإنما وقع ذلك عند قدومه من تبوك، ويحتمل أن تكون في جهة الحجاز ثنية إخرى.
(وقال سفيان) بن عيينة بالسند السابق (مرة) أخرى (مع الصبيان) بدل قوله الأوّل مع الغلمان وهما بمعنى.
4427 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ أَذْكُرُ أَنِّي خَرَجْتُ مَعَ الصِّبْيَانِ نَتَلَقَّى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ مَقْدَمَهُ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن السائب) بن يزيد بن سعيد بن ثمامة -رضي الله عنه- أنه قال: (أذكر أني خرجت مع الصبيان نتلقى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى ثنية الوداع مقدمه) بفتح الميم وسكون القاف وفتح الدال أي وقت قدومه (من غزوة تبوك). قال في الفتح: وفي إيراد هذا الحديث هنا إشارة إلى أن إرسال الكتب إلى الملوك كان في سنة غزوة تبوك وهي سنة تسع.
وتقدم هذا الحديث في باب استقبال الغزاة من الجهاد.
(باب) ذكر (مرض النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-و) وقت (وفاته وقول الله تعالى) يخاطب نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ({إنك ميت}) أي ستموت ({وإنهم ميتون}) [الزمر: 30] أي سيموتون وبالتخفيف من حلّ به الموت.
قال الخليل أنشد أبو عمرو:
أيا سائلي تفسير ميت وميت ... فدونك قد فسرت إن كنت تعقل
فمن كان ذا روح فذلك ميت ... وما الميت إلا من إلى القبر يحمل
وكانوا يتربصون برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- موته، فأخبر أن الموت يعمهم فلا معنى للتربص وشماتة الباقي بالفاني. وعن قتادة: نعى إلى نبيه نفسه ونعى إليكم أنفسكم أي إنك إياهم في عداد الموتى لأن ما هو كائن فكأن قد كان ({ثم إنكم}) أي إنك وإياهم فغلب ضمير المخاطب على ضمير الغائب ({يوم القيامة عند ربكم تختصمون}) [الزمر: 30 - 31] فتحتج أنت عليهم بأنك بلغت فكذبوا، واجتهدت في الدعوة فلجوا في العناد ويعتذرون بما لا طائل تحته. قالت الصحابة -رضي الله عنهم-: ما خصومتنا ونحن إخوان فلما قتل عثمان قالوا: هذه خصومتنا. وعن أبي العالية نزلت في أهل القبلة وذلك في الدماء والمظالم التي بينهم والوجه هو الأوّل وسقط قوله ثم إنكم الخ لأبي ذر.
4428 - وَقَالَ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ: قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: «يَا عَائِشَةُ مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السَّمِّ».
(وقال): ولأبي ذر فقال: (يونس) بن يزيد الأيلي فيما وصله البزار والحاكم (عن الزهري) محمد بن مسلم أنه قال: (قال عروة) بن الزبير: (قالت عائشة -رضي الله عنها-: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول في مرضه الذي مات فيه):
(يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام) أي أحس الألم في جوفي بسبب الطعام المسموم (الذي أكلت بخيبر). وعند الواقدي مما رواه ابن سعد عنه أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عاش بعد أكله ثلاث سنين (فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري) بفتح الهاء عرق مستبطن بالصلب متصل بالقلب ثم تتشعب منه سائر الشرايين إذا انقطع مات صاحبه (من ذلك السم) بفتح السين وضمها وأوان رفع على الخبرية وهو الذي في الفرع، وبالفتح لإضافته إلى مبني وهو الماضي لأن المضاف والمضاف إليه كالشيء الوحيد وهو في موضع رفع خبر المبتدأ.
4429 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالْمُرْسَلاَتِ عُرْفًا ثُمَّ مَا صَلَّى لَنَا بَعْدَهَا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ.
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة الحافظ المخزومي مولاهم المصري ونسب لجده لشهرته به واسم أبيه عبد الله قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد (عن ابن شهاب) الزهري (عن عبيد الله بن عبد الله) بضم العين في الأوّل ابن عتبة بن مسعود (عن
عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-) وسقط عبد الله لأبي ذر (عن) أمه (أم الفضل) لبابة (بنت الحارث) الهلالية أنها (قالت: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه (يقرأ في) صلاة (المغرب بالمرسلات عرفًا ثم ما صلّى لنا بعدها حتى قبضه الله). وفي رواية عبد الله بن يوسف التنيسي عن مالك عن ابن شهاب في الصلاة: إنها لآخر ما سمعت من رسول الله يقرأ بها في المغرب.
4430 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- يُدْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: إِنَّ لَنَا أَبْنَاءً مِثْلَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَعْلَمُ. فَسَأَلَ عُمَرُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1] قَالَ: أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَعْلَمُ.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن عرعرة) بعينين مفتوحتين بينهما راء ساكنة وبعد العين الثانية راء أخرى ابن البرند بكسر الموحدة والراء وسكون النون السامي