دلالة في الحديث الأوّل على الترجمة إلا أن يقال إن تداوله من يد إلى يد إنما كان لطلب الإسلام، وأما الثاني والثالث فلم يظهر لي وجه المطابقة فيهما فللَّه در المؤلّف ما أدق نظره رحمه الله تعالى وأجزل ثوابه والله تعالى أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
قال في القاموس: غزاه غزوًا أراده وطلبه وقصده كاغتزاه والعدوّ سار إلى قتالهم وانتهابهم غزوًا وغزوانًا وغزاوة وهو غاز الجمع غزى وغزى كدلى والغزيّ كغنيّ اسم جمع وأغزاه حمله عليه كغزاه ومغزى الكلام مقصده، والمغازي مناقب الغزاة وغزوي كذا قصدي، وقال غيره: المغازي جمع مغزى والمغزى يصلح أن يكون مصدرًا تقول: غزا يغزو غزوًا ومغزى ومغزاة، ويصلح أن يكون موضع الغزو لكن كونه مصدرًا متعين هنا والمراد هنا ما وقع من قصد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الكفار بنفسه أو بجيش من قبله.
وقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَوَّلُ مَا غَزَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأَبْوَاءَ ثُمَّ بُوَاطَ ثُمَّ الْعُشَيْرَةَ.
(باب غزوة العشيرة) بضم العين المهملة وفتح الشين المعجمة (أو العسيرة) بالشك هل هي بالمعجمة أو بالمهملة كذا بتقديم البسملة على لفظ كتاب لأبوي الوقت وذر والأصيلي ولغيرهم بتأخيرها وسقط لأبي ذر لفظ باب، وقوله أو العسيرة ولفظه بعد البسملة كتاب المغازي غزوة العشيرة حسب، ولابن عساكر باب بالتنوين في المغازي غزوة العشيرة أو العسيرة.
(وقال ابن إسحاق): هو محمد بن إسحاق بن يسار أبو بكر المطلبي مولاهم المدني نزيل العراق إمام المغازي صدوق لكنه يدلس توفي سنة خمسين ومائة (أوّل ما غزا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأبواء) بفتح الهمزة وسكون الموحدة ممدودًا منصوب على المفعولية قربة من عمل الفرع بينها وبين الجحفة من جهة المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً وهي ودّان بفتح الواو وتشديد الدال وكانت في صفر على رأس اثني عشر شهرًا من مقدمه المدينة (ثم بواط) بضم الموحدة وفتحها وتخفيف الواو آخرها طاء مهملة جبل من جبال جهينة بقرب ينبع، وكانت في ربيع الأول سنة اثنتين (ثم العشيرة) بالشين المعجمة والتصغير آخرها هاء تأنيث ببطن ينبع، وكانت في جمادى الأولى سنة اثنتين أيضًا، وذكر
الواقدي أن هذه السفرات الثلاث كان عليه الصلاة والسلام يخرج فيها ليلقى تجار قريش حين يمرون إلى الشام ذهابًا وإيابًا وبسبب ذلك كانت وقعة بدر ولم يقع في الغزوات الثلاث المذكورة حرب وسقط قوله. وقال ابن إسحاق الخ لأبي ذر نعم هو في روايته عن المستملي في آخر الباب، وفي رواية أبي ذر الإبواء وبواط العشيرة بالرفع في الثلاثة.
3949 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَهْبٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، كُنْتُ إِلَى جَنْبِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَقِيلَ لَهُ: كَمْ غَزَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ غَزْوَةٍ؟ قَالَ: تِسْعَ عَشْرَةَ قِيلَ: كَمْ غَزَوْتَ أَنْتَ مَعَهُ؟ قَالَ: سَبْعَ عَشْرَةَ قُلْتُ: فَأَيُّهُمْ كَانَتْ أَوَّلَ؟ قَالَ: الْعُسَيْرَةُ أَوِ الْعُشَيْرُ فَذَكَرْتُ لِقَتَادَةَ فَقَالَ: الْعُشَيْرُ. [الحديث 3949 - طرفاه في: 4404، 4471].
وبه قال: (حدثني) بالإِفراد (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا وهب) بسكون الهاء ابن جرير البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي أنه قال: (كنت إلى جنب زيد بن أرقم) بن زيد الأنصاري - رضي الله تعالى عنه - (فقيل له) القائل هو أبو إسحاق السبيعي كما بينه إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق كما في آخر المغازي (كم غزا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من غزوة؟ قال: تسع عشرة) غزوة خرج فيها بنفسه، لكن روى أبو يعلى بإسناد صحيح من طريق أبي الزبير عن جابر -رضي الله عنه- أن عدد غزواته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إحدى وعشرون غزاة ففات زيد بن أرقم ذكر غزوتين منها، ويحتمل أن تكونا الأبواء وبواط ولعلهما خفيتا عليه لصغره، ويؤيده ما في مسلم بلفظ قلت: ما أول غزاة غزاها؟ قال: ذات العشيرة أو العسيرة. وعند ابن سعد المغازي سبعًا وعشرين غزوة، قيل وقاتل -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بنفسه منها في ثمان: بدر ثم أُحد ثم الأحزاب ثم بني المصطلق ثم خيبر ثم مكة ثم حنين ثم الطائف كما قاله موسى بن عقبة، وأهمل عدّ قريظة لأنه ضمها إلى الأحزاب لكونها كانت في أثرها وأفردها غيره لكونها وقعت منفردة بعد هزيمة الأحزاب.
(قيل) أي قال: أبو إسحاق السبيعي لزيد بن أرقم (كم غزوت أنت معه؟ قال: سبع عشرة). غزوة (قلت: فأيهم