الطوسي قال: (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر حدّثني (هشيم) هو ابن بشر قال: (أخبرنا أبو بشر) جعفر بن أبي وحشية (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -) أنه (قال: هم أهل الكتاب) قال: العيني لما ذكر في الحديث السابق أهل الكتاب قال: قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: هم أهل الكتاب الذين (جزؤوه) أي القرآن (أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه) زاد أبو ذر عن الكشميهني يعني قول الله تعالى: {الذين جعلوا القرآن عضين} [الحجر: 91] أي أجزاء جمع عضة وأصلها عضوة فعلة من عضى الشاة إذا جعلها أعضاء حيث قالوا: بعنادهم بعضه حق موافق للتوراة والإنجيل وبعضه باطل مخالف لهما فاقتسموه إلى حق وباطل وعضوه.
(باب إسلام سلمان الفارسي - رضي الله تعالى عنه -) سقط لفظ باب لأبي ذر حينئذٍ فإسلام رفع.
3946 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ أَبِي ح. وَحَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ: "عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ أَنَّهُ تَدَاوَلَهُ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ رَبٍّ إِلَى رَبٍّ".
وبه قال: (حدّثنا الحسن بن عمر بن شقيق) بفتح الحاء وضم العين الجرمي قال: (حدّثنا معتمر) هو ابن سليمان التيمي (قال أبي) سليمان بن طرخان (ح).
(وحدّثنا) بواو العطف (أبو عثمان) عبد الرحمن بن مل بكسر الميم وضمها النهدي بفتح النون التابعي وعطفه بالواو ويشعر بأنه حدثه غير ذلك أيضًا (عن سلمان الفارسي) - رضي الله تعالى عنه - وسقط لفظ الفارسي لأبي ذر (أنه تداوله) تناوله (بضعة عشر) من ثلاث إلى عشرة (من رب إلى رب) أي أخذه سيد من سيد وكان حرًّا فظلموه وباعوه، وذلك أنه هرب من أبيه لطلب الحق وكان مجوسيًّا فلحق براهب ثم براهب ثم بآخر، وكان يصحب كلٍّ إلى وفاته حتى دله الأخير على ظهور النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقصده مع بعض الأعراب فغدروا به فباعوه في وادي القرى ليهودي ثم اشتراه منه يهودي آخر من بني قريظة، فقدم به المدينة، فلما قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة ورأى علامات النبوّة أسلم فقال له رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "كاتب عن نفسك" فكاتب على أن يغرس ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقية من ذهب فغرس له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيده المباركة الكل وقال: "أعينوا أخاكم" فأعانوه حتى أدى
ذلك كله وعاش مائتين وخمسين سنة بلا خلاف، وقيل ثلاثمائة وخمسين، وقيل أدرك وصيّ عيسى عليه الصلاة والسلام ومات بالمدينة سنة ست وثلاثين.
3947 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَوْفٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ سَلْمَانَ -رضي الله عنه- يَقُولُ: "أَنَا مِنْ رَامَ هُرْمُزَ".
وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) البيكندي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن عوف) بالفاء الأعرابي (عن أبي عثمان) النهدي أنه (قال: سمعت سلمان) الفارسي (-رضي الله عنه- يقول: أنا من رام هرمز) بفتح ميم رام من غير همز قبلها وضم هاء هرمز وسكون رائها وضم ميمها وبعدها زاي مدينة مشهورة بأرض فارس مركبة تركيب مزج كمعد يكرب فينبغي كتابة رام منفصلة عن لاحقتها. وفي حديث ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - عند أحمد أنه من أهل أصبهان، وكان أبوه دهقانًا، وذكر عنه أنه لما سئل عن نسبه قال: أنا ابن الإسلام.
3948 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: "فَتْرَةٌ بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِتُّمِائَةِ سَنَةٍ".
وبه قال: (حدّثنا الحسن بن مدرك) بضم الميم وكسر الراء قال: (حدّثنا يحيى بن حماد) الشيباني البصري قال: (أخبرنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري (عن عصام الأحول عن أبي عثمان) النهدي (عن سلمان) الفارسي - رضي الله تعالى عنه - أنه (قال: فترة) بالفاء والفوقية الساكنة والتنوين (بين) بفتح النون ولأبي ذر فترة بين بكسر النون لإضافة فترة إليه (عيسى ومحمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ستمائة سنة) أي المدة التي لم يبعث فيها رسول من الله عز وجل قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: ولا يمتنع أن يكون فيها نبي يدعو إلى شريعة الرسول الأخير اهـ.
وقيل إنه نبئ فيها حنظلة بن صفوان نبي أصحاب الرس وخالد بن سنان العبسي وعند الطبراني من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما ظهر بمكة وفدت عليه ابنة خالد بن سنان وهي عجوز كبيرة فرحب بها وقال: "مرحبًا بابنة أخي" كان أبوها نبيًّا وإنما ضيعه قومه وذكروا غير ذلك، لكن هذا يعارضه حديث الصحيح أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم لأنه ليس بيني وبينه نبي" وقد يجاب باحتمال أن يكون مراده نبي مرسل.
ولا