وأيامه (فما كانت امرأة تقين) بضم حرف المضارعة وفتح القاف وتشديد التحتية آخره نون مبنيًّا للمفعول أي تزين. قال صاحب الأفعال: قان الشيء قيانة أصلحه وقيل تجلى على زوجها (بالمدينة إلا أرسلت إليّ تستعيره) أي ذلك الدرع لأنهم كانوا إذ ذاك في حال ضيق فكان الشيء الخسيس عندهم نفيسًا.
وهذا الحديث تفرّد به البخاري وفيه من الفوائد ما لا يخفى فتأمله.
(باب فضل المنيحة) بفتح الميم والحاء المهملة بينهما نون مكسورة فمثناة تحتية ساكنة الناقة. أو الشاة تعطيها غيرك يحتلبها ثم يردّها عليك والمنحة بالكسر العطية وسقط لفظ باب في رواية أبي ذر ففضل مرفوع حينئذٍِ.
2629 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «نِعْمَ الْمَنِيحَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً، وَالشَّاةُ الصَّفِيُّ تَغْدُو بِإِنَاءٍ وَتَرُوحُ بِإِنَاءٍ».
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَإِسْمَاعِيلُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: "نِعْمَ الصَّدَقَةُ ... ". [الحديث 2629 - طرفه في: 5608].
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) هو ابن عبد الله بن بكير ونسبه لجد لشهرته به المخزومي قال: (حدّثنا مالك) الإمام الأعظم (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(نعم المنيحة) الناقة (اللقحة) بكسر اللام وسكون القاف والرفع صفة لسابقها الملقوحة وهي ذات اللبن القريبة العهد بالولادة (الصفي) بفتح الصاد وكسر الفاء صفة ثانية لكثيرة اللبن واستعمله بغير هاء. قال الكرماني: لأنه إما فعيل أو فعول يستوي فيه المذكر والمؤنث وتعقبه العيني بأن قوله إما فعيل غير صحيح لأنه من معتل اللام والواوي دون اليائي. وقال في المصابيح: والأشهر استعمالها بغير هاء. قال العيني: ويروى أيضًا الصفية (منحة) نصب على التمييز قال ابن مالك في
التوضيح: فيه وقوع التمييز بعد فاعل نعم ظاهرًا وقد منعه سيبويه إلا مع إضمار الفاعل نحو {بئس للظالمين بدلاً} [الكهف: 50] وجوّزه المبرد وهو الصحيح انتهى. وقال في المصابيح: يحتمل أن يقال إن فاعل نعم في الحديث مضمر والمنيحة الموصوفة بما ذكر هي المخصوص بالمدح ومنحة تمييز تأخر عن المخصوص فلا شاهد فيه على ما قال ولا يرد على سيبويه حيئنذٍ.
(والشاة الصفي) صفة وموصوف عطف على ما قبله (تغدو بإناء وتروح بإناء) أي تحلب إناء بالغداة وإناء بالعشي أو تغدو بأجر حلبها في الغدو والرواح والمنحة من باب الصلاة لا من باب الصدقات.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (وإسماعيل) بن أبي أويس (عن مالك) أنه (قال) في روايته للحديث السابق (نعم الصدقة) أي اللقحة الصفي منحة قال: في الفتح وهذا هو المشهور عن مالك وكذا رواه شعيب عن أبي الزناد كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الأشربة أي بلفظ الصدقة.
2630 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ مِنْ مَكَّةَ وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ، وَكَانَتِ الأَنْصَارُ أَهْلَ الأَرْضِ وَالْعَقَارِ، فَقَاسَمَهُمُ الأَنْصَارُ عَلَى أَنْ يُعْطُوهُمْ ثِمَارَ أَمْوَالِهِمْ كُلَّ عَامٍ وَيَكْفُوهُمُ الْعَمَلَ وَالْمَؤونَةَ. وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمُّ أَنَسٍ أُمُّ سُلَيْمٍ كَانَتْ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، فَكَانَتْ أَعْطَتْ أُمُّ أَنَسٍ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِذَاقًا، فَأَعْطَاهُنَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّ أَيْمَنَ مَوْلاَتَهُ أُمَّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ ". قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا فَرَغَ مِنْ قِتَالِ أَهْلِ خَيْبَرَ فَانْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ رَدَّ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى الأَنْصَارِ مَنَائِحَهُمُ مِنْ ثِمَارِهِمْ، فَرَدَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أُمِّهِ عِذَاقَهَا، وَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّ أَيْمَنَ مَكَانَهُنَّ مِنْ حَائِطِهِ".
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ أَخْبَرَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ بِهَذَا وَقَالَ: "مَكَانَهُنَّ مِنْ خَالِصِه". [الحديث 2630 - أطرافه 3128، 4030، 4120].
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا ابن وهب) عبد الله المصري قال: (حدّثنا يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-) أنه (قال: لما قدم المهاجرون المدينة من مكة وليس بأيديهم يعني شيئًا) وسقط لأبي ذر: يعني شيئًا (وكانت الأنصار أهل الأرض والعقار) بالخفض عطفًا على السابق وجواب لما قوله (فقاسمهم الأنصار على أن يعطوهم ثمار أموالهم كل عام ويكفوهم العمل والمؤونة) في الزراعة والمنفي في حديث أبي هريرة السابق في المزارعة حيث قالوا: قسم بيننا وبين إخواننا النخل قال: لا مقاسمة الأصول، والمراد هنا مقاسمة الثمار، (وكانت أمه أم أنس) بدل من أمه والضمير فيه يعود على أنس واسمها
سهلة وهي (أم سليم) بضم السين مصغرًا بدل من المرفوع السابق أيضًا و (كانت أم عبد الله بن أبي طلحة) أيضًا فهو أخو أنس لأمه. قال في الفتح: والذي يظهر أن قائل ذلك الزهري عن أنس لكن بقية السياق تقتضي أنه من رواية الزهري عن أنس فيكون من باب التجريد كأنه ينتزع من نفسه شخصًا فيخاطبه (فكانت أعطت) أي وهبت (أم أنس رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عذاقًا) بكسر العين المهملة وتخفيف الذال المعجمة جمع عذق بفتح العين وسكون الذال النخلة نفسها أو إذا كان حملها موجودًا والمراد ثمرها ولأبي ذر عذاقًا بفتح العين (فأعطاهن) أي النخلات (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أم أيمن)