والسلام زاد في رواية جرير بن حازم عن محمد عن أنس في الجهاد، ثم خرج يركض وحده فركب الناس يركضون خلفه (فلما رجع قال):
(ما رأينا من شيء) يوجب الفزع (وإن وجدناه) أي الفرس (لبحرًا) أي واسع الجري ومنه سمي البحر بحرًا لسعته، وتبحر فلان في العلم إذا اتسع فيه، وقيل شبّهه بالبحر لأن جريه لا ينفذ كما لا ينفذ ماء البحر. قال الخطابي: وإن هنا نافية واللام بمعنى إلا أي ما وجدناه إلا بحرًا، وعليه اقتصر الزركشي قال في التوضيح: وهو قصور وهذا إنما هو مذهب كوفي ومذهب البصريين أن إن مخففة من الثقيلة واللام فارقة بينها وبين النافية انتهى، وقد سبقه إليه ابن التين.
قال الحافظ ابن حجر: وفي رواية المستملي وإن وجدنا بحذف الضمير، وفي رواية حماد عن ثابت عن أنس في الجهاد أيضًا استقبلهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على فرس عري ما عليه سرج وفي عنقه سيف.
وأخرجه الإسماعيلي عن حماد وفي أوّله فزع أهل المدينة ليلة فتلقاهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد سبقهم إلى الصوب ___ وهو على فرس بغير سرج واستدلّ به على مشروعية العارية وكانت كما قاله الروياني واجبة أول الإسلام للآية السابقة، ثم نسخ وجوبها فصارت مستحبة أي أصالة فقد تجب كإعارة الثوب لدفع حرّ أو برد وإعارة الخيل لإنقاذ غريق والسكين لذبح حيوان محترم يخشى موته وقد تحرم كإعارة الصيد من المحرم والأمة من الأجنبي، وقد تكره كإعارة العبد المسلم من كافر، ويشترط في المعير أن يملك المنفعة فتصحّ الإعارة من المستأجر لا من المستعير لأنه غير مالك لها، وإنما أبيح له الانتفاع لكن للمستعير استيفاء المنفعة بنفسه وبوكيله كأن يركب الدابة المستعارة وكيله في حاجته أو زوجته أو خادمه لأن الانتفاع راجع إليه بواسطة المباشر وحكم العارية إذا تلفت في يد المستعير بآفة سماوية أو أتلفها هو أو غيره ولو بلا تقصير الضمان لحديث أبي داود وغيره العارية مضمونة ولأنها مال يجب ردّه لمالكه فيضمن عند تلفه كالمأخوذ بجهة السوم، فإن تلفت باستعمال ماذون فيه كاللبس والركوب المعتادين لم يضمن لحصول التلف بسبب مأذون فيه.
(باب الاستعارة للعروس) نعت يستوي فيه الذكر والأُنثى ما داما في أعراسهما (عند البناء) أي الزفاف، وقال ابن الأثير: الدخول بالزوجة، وقيل له بناء لأنهم كانوا يبنون لمن يتزوّج قبّة ليدخل بها فيها ثم أطلق ذلك على التزويج.
2628 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنها- وَعَلَيْهَا دِرْعُ قِطْرٍ ثَمَنُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ، فَقَالَتِ: ارْفَعْ بَصَرَكَ إِلَى جَارِيَتِي انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهَا تُزْهَى أَنْ تَلْبَسَهُ فِي الْبَيْتِ. وَقَدْ كَانَ لِي مِنْهُنَّ دِرْعٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ تُقَيَّنُ بِالْمَدِينَةِ إِلاَّ أَرْسَلَتْ إِلَىَّ تَسْتَعِيرُه".
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا عبد الواحد بن أيمن) بفتح الهمزة وسكون التحتية وبعد الميم المفتوحة نون المخزومي المكّي قال: (حدّثني) بالإفراد (أبي) أيمن الحبشي (قال: دخلت على عائشة -رضي الله عنها- وعليها درع قطر) بكسر الدال وسكون الراء قميص المرأة وقطر بكسر القاف وسكون الطاء ثم راء مع إضافة درع لقطر ضرب من برود اليمن غليظ فيه بعض الخشونة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي قطن بضم القاف وآخره نون والجملة حالية (ثمن خمسة دراهم) برفع ثمن وجر خمسة في الفرع وأصله وغيرهما من الأصول المعتمدة التي وقفت عليها. وقال في الفتح: ثمن بالنصب بنزع الخافض وخمسة بالجر على الإضافة أو ثمن خمسة بالرفع فيهما على حذف الضمير أي ثمنه خمسة دراهم ويروى ثمن بضم المثلثة وتشديد الميم المكسورة على صيغة المجهول من الماضي وخمسة بالنصب بنزع الخافض أي قوّم بخمسة دراهم قال: ووقع في رواية ابن شبويه وحده خمسة الدراهم.
(قالت ارفع بصرك إلى جاريتي) قال الحافظ ابن حجر: لم أعرف اسمها (انظر إليها) بلفظ الأمر (فإنها تزهى) بضم أوّله وفتح ثالثه تتكبر (أن تلبسه في البيت) يقال: زهى الرجل إذا تكبر وأعجب بنفسه وهو من الأفعال التي لم ترد إلا مبنية لما لم يسم فاعله وإن كان بمعنى الفاعل مثل عني بالأمر ونتجت الناقة، لكن قال في الفتح: إنه رآه في رواية أبي ذر تزهى بفتح أوّله، وقد حكاها ابن دريد لكن قال الأصمعي: لا يقال بالفتح (وقد كان لي منهن) أي من الدروع (درع على عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي في زمنه