ثم إنهم شكوا في أكلهم إياه وهم حُرُم فرحنا وخبأت العضد) من الحمار (معي فأدركنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وكان تقدّم (فسألناه عن ذلك فقال):
(معكم منه شيء): استفهام محذوف الأداة (فقلت: نعم فناولته العضد فأكلها حتى نفدها) بتشديد الفاء وبالدال المهملة أي أفناها، ولأبي ذر: نفدها بكسر الفاء مخففة لكن ردّه ابن التين كما حكاه في الفتح (وهو) أي والحال أنه عليه الصلاة والسلام (محرم).
قال محمد بن جعفر الراوي عن أبي حازم فيما سبق (فحدّثني به) بهذا الحديث (زيد بن أسلم) أبو أسامة أيضًا (عن عطاء بن يسار) بالسين المهملة أبي محمد الهلالي مولى أم المؤمنين ميمونة (عن أبي قتادة) المذكور في السند السابق (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وسقط قوله عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عند المستملي والحموي.
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: معكم منه شيء فإنه في معنى الاستيهاب من الأصحاب، وزاد في الحج "كلوا وأطعموني" قال في الفتح: ولعل المصنف أشار إلى هذه الزيادة، وإنما طلب عليه الصلاة والسلام ذلك منهم ليؤنسهم به ويرفع عنهم اللبس في توقفهم في جواز ذلك، وقد سبق هذا الحديث في الحج في أبواب.
وَقَالَ سَهْلٌ: "قَالَ لِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اسْقِنِي".
(باب من استسقى) أي طلب من غيره ماءّ أو لبنًا ليشربه أو غير ذلك مما تطيب به نفس المطلوب منه يجوز له، (وقال سهل) هو ابن سعد الأنصاري -رضي الله عنه- مما وصله المؤلّف في النكاح (قال لي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (اسقني) يا سهل.
2571 - حَدَّثَني خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو طَوَالَةَ -اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ- قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا -رضي الله عنه- يَقُولُ: "أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي دَارِنَا هَذِهِ فَاسْتَسْقَى، فَحَلَبْنَا لَهُ شَاةً لَنَا، ثُمَّ شُبْتُهُ مِنْ مَاءِ بِئْرِنَا هَذِهِ، فَأَعْطَيْتُهُ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَسَارِهِ وَعُمَرُ تُجَاهَهُ وَأَعْرَابِيٌّ عَنْ يَمِينِهِ. فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ عُمَرُ: هَذَا أَبُو بَكْرٍ، فَأَعْطَى الأَعْرَابِيَّ فَضْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: الأَيْمَنُونَ الأَيْمَنُونَ، أَلاَ فَيَمِّنُوا. قَالَ أَنَسٌ: فَهْيَ سُنَّةٌ فَهْيَ سُنَّةٌ. ثَلاَثَ مَرَّاتٍ".
وبه قال: (حدّثنا خالد بن مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء القطواني الكوفي قال: (حدّثنا سليمان بن بلال) قال: (حدّثني) بالإفراد (أبو طوالة) بضم الطاء المهملة وتخفيف الواو الأنصاري قاضي المدينة وزاد في غير رواية أبي ذر اسمه عبد الله بن عبد الرحمن (قال: سمعت أنسًا -رضي الله عنه- يقول: أتانا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في دارنا هذه فاستسقى فحلبنا له شاة لنا) سقط لفظ له لأبي ذر (ثم شبته) بكسر المعجمة وضمها أي خلطت اللبن (من ماء بئرنا هذه فأعطيته) ذلك (وأبو بكر عن يساره وعمر تجاهه) بفتح الهاء الأولى أي مقابله (وأعرابي) لم يسم (عن يمينه) ووهم من قال: هو خالد بن
الوليد فشرب -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فلما فرغ قال عمر: هذا أبو بكر) أي اسقه (فأعطى) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (الأعرابي فضله) وسقط لغير أبي ذر فضله (ثم قال) عليه الصلاة والسلام:
(الأيمنون) مقدّمون (الأيمنون) مقدّمون أو هو مرفوع بفعل محذوف تقديره يقدّم الأيمنون وهذا الثاني تأكيد للأيمنون الأول (ألا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام للتنبيه (فيمنوا) أمر من اليمن وهو تأكيد بعد تأكيد (قال أنس: فهي) أي البداءة بالأيمن (سُنّة فهي سنة ثلاث مرات) وزاد في رواية أبوي ذر والوقت: فهي سُنّة وسقط لأبي ذر وحده قوله ثلاث مرات، وإنما أعطى الأعرابي ولم يستأذنه ليتألفه بذلك لقرب عهده بالإسلام وفيه جلوس القوم على قدر سبقهم.
وهذا الحديث أخرجه في الأشربة.
5 - باب قَبُولِ هَدِيَّةِ الصَّيْدِ.
وَقَبِلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَبِي قَتَادَةَ عَضُدَ الصَّيْدِ
(باب) جواز (قبول هدية) صائد (الصيد وقبل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أبي قتادة عضد الصيد) سبق موصولاً قبل الباب السابق.
2572 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغَبُوا، فَأَدْرَكْتُهَا فَأَخَذْتُهَا، فَأَتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ فَذَبَحَهَا وَبَعَثَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِوَرِكِهَا -أَوْ فَخِذَيْهَا قَالَ: فَخِذَيْهَا لاَ شَكَّ فِيهِ- فَقَبِلَهُ. قُلْتُ: وَأَكَلَ مِنْهُ؟ قَالَ وَأَكَلَ مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: قَبِلَهُ". [الحديث 2572 - طرفاه في: 5489، 5535].
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الازدي الواشحي بالمعجمة ثم المهملة البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن هشام بن زيد بن أنس بن مالك) الأنصاري (عن أنس -رضي الله عنه-) أنه (قال أنفجنا) بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الفاء وسكون الجيم أي أثرنا ونفرنا (أرنبًا) من موضعه (بمرّ الظهران) بفتح الميم وتشديد الراء والظاء المعجمة وهو على مثال تثنية ظهر من العلم المضاف. والمضاف إليه فالإعراب للأوّل وهو مرّ والثاني مجرورًا أبدًا بالإضافة موضع طريق من مكة، والأرنب واحد الأرانب اسم جنس يطلق على الذكر والأُنثى (فسعى القوم) نحوه ليصطادوه (فلغبوا) بفتح الغين المعجمة، ولأبي ذر: فلغبوا بكسرها والأوّل أفصح، بل أنكر بعضهم الكسر وللكشميهني: فتعبوا وهو معنى لغبوا أي أعيوا. قال أنس: (فأدركتها) أي الأرنب (فأخذتها فأتيت