مهران الأعمش (عن أبي حازم) سلمان الأشجعي (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(لو دعيت إلى ذراع) بالذال المعجمة وهو الساعد وكان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحب أكله لأنه مبادي الشاة وأبعد عن الأذى (أو كراع) بضم الكاف وبعد الراء ألف ثم عين مهملة ما دون الركبة من الساق (لأجبت) الداعي (ولو أهدي إليّ ذراع أو كراع لقبلت) وهذا يدل على جواز القليل من الهدية وأنه لا يردّ والهدية في معنى الهبة فتحصل المطابقة بين الحديث والترجمة وإنما حضّ على قبول الهدية وإن قلّت لما فيه من التآلف.
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا».
(باب من استوهب من أصحابه شيئًا) سواء كان عينًا أو منفعة جاز بغير كراهة في ذلك إذا كان يعلم طيب أنفسهم، (وقال أبو سعيد) الخدري في حديث الرقية بالفاتحة الموصول بتمامه في كتاب الإجارة (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (اضربوا لي معكم سهمًا).
2569 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ -رضي الله عنه-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْسَلَ إِلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَكَانَ لَهَا غُلاَمٌ نَجَّارٌ قَالَ لَهَا: مُرِي عَبْدَكِ فَلْيَعْمَلْ لَنَا أَعْوَادَ الْمِنْبَرِ، فَأَمَرَتْ عَبْدَهَا، فَذَهَبَ فَقَطَعَ مِنَ الطَّرْفَاءِ، فَصَنَعَ لَهُ مِنْبَرًا. فَلَمَّا قَضَاهُ أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَدْ قَضَاهُ، قَالَ: أَرْسِلِي بِهِ إِلَىَّ، فَجَاءُوا بِهِ، فَاحْتَمَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَضَعَهُ حَيْثُ تَرَوْنَ".
وبه قال: (حدّثنا ابن أبي مريم) هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي المصري قال: (حدّثنا أبو غسان) بفتح الغين المعجمة وتشديد السين المهملة وبعد الألف نون محمد بن مطرف الليثي (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو حازم) سلمة بن دينار (عن سهل) هو ابن سعد الساعدي الأنصاري (-رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أرسل إلى امرأة من المهاجربن) هذا وهم من أبي غسان، والصواب أنها من الأنصار. نعم يحتمل أن تكون أنصارية حالفت مهاجريًّا أو تزوّجت به أو بالعكس واختلف في اسمها كما مرّ في الجمعة قال في الفتح: وأغرب الكرماني هنا فزعم أن اسم المرأة مينا وهو وهم وإنما قيل ذلك في اسم النجار اهـ.
(وكان لها غلام نجار) اسمه باقوم وقيل غير ذلك (قال لها):
(مري عبدك) ولأبي ذر فقال: مري بإسقاط لها وإثبات الفاء قبل القاف (فليعمل لنا أعواد المنبر) أي ليفعل لنا فعلاً في أعواد من نجر وتسوية وخرط يكون منها منبر (فأمرت عبدها) بذلك (فذهب فقطع من الطرقاء) التي بالغابة (فصنع له) أي للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (منبرًا فلما قضاه) أي صنعه وأحكمه (أرسلت إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه) أي عبدها (قد قضاه) أي المنبر (قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وسقط لفظ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى
آخره لأبي ذر (أرسلي به) أي بالمنبر (إليّ) وهمزة أرسلي مفتوحة (فجاؤوا به فاحتمله النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فوضعه حيث ترون).
ومطابقته للترجمة لا تخفى، والحديث سبق في كتاب الجمعة.
2570 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ السَّلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنه- قَالَ: "كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا مَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَنْزِلٍ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ - وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَازِلٌ أَمَامَنَا - وَالْقَوْمُ مُحْرِمُونَ وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَأَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا - وَأَنَا مَشْغُولٌ أَخْصِفُ نَعْلِي - فَلَمْ يُؤْذِنُونِي بِهِ، وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْتُهُ، فَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ، فَقُمْتُ إِلَى الْفَرَسِ فَأَسْرَجْتُهُ، ثُمَّ رَكِبْتُ، وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقُلْتُ لَهُمْ: نَاوِلُونِي السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقَالُوا: لاَ وَاللَّهِ لاَ نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَىْءٍ. فَغَضِبْتُ، فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُمَا، ثُمَّ رَكِبْتُ فَشَدَدْتُ عَلَى الْحِمَارِ فَعَقَرْتُهُ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ وَقَدْ مَاتَ، فَوَقَعُوا فِيهِ يَأْكُلُونَهُ. ثُمَّ شَكُّوا فِي أَكْلِهِمْ إِيَّاهُ وَهُمْ حُرُمٌ، فَرُحْنَا -وَخَبَأْتُ الْعَضُدَ مَعِي- فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: مَعَكُمْ مِنْهُ شَىْءٌ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَنَاوَلْتُهُ الْعَضُدَ فَأَكَلَهَا حَتَّى نَفَّدَهَا وَهْوَ مُحْرِمٌ". فَحَدَّثَنِي بِهِ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وبه قال: (حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) بن يحيى أبو القاسم القرشي العامري الأويسي (قال: حدّثني) بالإفراد (محمد بن جعفر) هو ابن أبي كثير الأنصاري المدني (عن أبي حازم) سلمة بن دينار (عن عبد الله بن أبي قتادة) الحرث (السلمي) بفتح السين المهملة واللام الأنصاري الخزرجي (عن أبيه) أبي قتادة (-رضي الله عنه-) أنه (قال: كنت يومًا جالسًا مع رجال من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في منزل في طريق مكة ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نازل أمامنا والقوم محرمون وأنا محرم) لأنه لم يقصد نسكًا وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أرسله إلى جهة ليكشف أمر عدو (فأبصروا حمارًا وحشيًا وأنا مشغول أخصف نعلي) بخاء معجمة ثم صاد مهملة مكسورة أي أخرزه قال تعالى: {وطفقا يخصفان} [الأعراف: 22] أي يلزقان البعض بالبعض وكأن نعله كانت انخرقت والواو في قوله ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفي القوم وفي وأنا غير محرم وفي وأنا مشغول كلها للحال (فلم يؤذنوني به) أي بالحمار (وأحبوا لو أني أبصرته) وفي الحج فبصر أصحابي بحمار وحش فجعل بعضهم يضحك إلى بعض (فالتفت) بالفاء وفي نسخة والتفت (فأبصرته فقمت إلى الفرس) قال في المصابيح: اسمه الجرادة كما رواه البخاري في الجهاد، (فأسرجته ثم ركبت) عليه (ونسيت السوط والرمح فقلت لهم: ناولوني السوط والرمح فقالوا: لا والله لا نعينك عليه بشيء) أي لأنهم محرمون (فغضبت فنزلت فأخذتهما) السوط والرمح (ثم ركبت فشددت على الحمار فعقرته) جرحته حتى مات (ثم جئت به وقد مات فوقعوا فيه يأكلونه