ولكن لا بدّ من رابط يعود على ما من الجملة أو ملابسها فيقدر محذوف ملابس أي فكلوا مذبوحة أو يقدر ذلك مضافًا إلى ما ولكنه حذف فالتقدير مذبوح ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه.
فإن قلت: يلزم عدد الارتباط حينئذ. وأجاب: بأن الربط حاصل. قال: وذلك أنّا نقدّر التركيب هكذا ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه على مذكاه فكلوا فالضمير عائد على ملتبس فحصل الربط، وقد قال الكسائي وتبعه ابن مالك في قوله تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربصن} [البقرة: 234] إن الذين مبتدأ ويتربصن الخبر والأصل يتربص أزواجهم ثم جيء بالضمير مكان الأزواج لتقدّم ذكرهنّ فامتنع ذكر الضمير لأن النون لا تضاف لكونها ضميرًا وجعل الربط بالضمير القائم مقام الظاهر المضاف إلى الضمير وهذا مثل مسألتنا.
(ليس السن والظفر) قال الزركشي والبرماوي والكرماني واليني ليس هنا للاستثناء بمعنى إلا وما بعدها نصب على الاستثناء. قال في المصابيح: الصحيح أنها ناسخة وأن اسمها ضمير راجع للبعض المفهوم مما تقدم واستتاره واجب فلا يليها في اللفظ إلا المنصوب (وسأحدثكم عن ذلك) أي سأبيّن لكم علّته وحكمته لتتفقهوا في الدين (أما السن فعظم) لا يقطع غالبًا وإنما يجرح ويدمي فتزهق النفس من غير تيقن الذكاة وهذا يدل على أن النهي عن الذكاة بالعظم كان متقدمًا فأحال بهذا القول على معلوم قد سبق.
قال ابن الصلاح ولم أجد بعد البحث أحدًا ذكر ذلك بمعنى يعقل قال وكأنه عندهم تعبدي، وكذا نقل عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام أنه قال: للشرع علل تعبد بها كما أن له أحكامًا تعبد بها أي وهذا منها. وقال النووي: المعنى لا تذبحوا بالعظام لأنها تنجس بالدم وقد نهيتم عن تنجيس العظام في الاستنجاء لكونها زاد إخوانكم من الجن انتهى. قال في جمع العدة: وهو ظاهر.
(وأما الظفر فمدى الحبشة) ولا يجوز التشبه بهم ولا بشعارهم لأنهم كفار وهم يدمون المذبح بأظفارهم حتى تزهق النفس خنقًا وتعذيبًا ويحلّونها محل الذكاة فلذلك ضرب المثل بهم والألف واللام في الظفر للجنس فلذلك وصفها بالجمع ونظيره قولهم: أهلك الناس الدرهم البيض والدينار الصفر قال النووي: ويدخل فيه ظفر الآدمي وغيره متصلاً ومنفصلاً ظاهرًا أو نجسًا وكذا السن، وجوّزه أبو حنيفة وصاحباه بالمنفصلين.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الشركة والجهاد والذبائح، ومسلم في الأضاحي، وأبو داود في الذبائح، والترمذي في الصيد والأضاحي، وابن ماجة في الأضاحي والذبائح.
(باب) ترك (القران في التمر) هو الجمع بين التمرتين عند الأكل (بين الشركاء حتى يستأذن أصحابه) فيه حذف المضاف وهو ترك وإقامة المضاف إليه مقامه لوجود الدليل عليه والأصل ترك القران فحذف الترك لأن الغاية المذكورة تدل عليه قاله البدر الدماميني وهو أحسن من قول غيره إن حتى كانت حين فتصحفت أو سقط من الترجمة لفظ النهي من أولها.
2489 - حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- يَقُولُ: "نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَقْرُنَ الرَّجُلُ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ جَمِيعًا حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ".
وبه قال: (حدّثنا خلاّد بن يحيى) بن صفوان السلمي الكوفي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري قال: (حدّثنا جبلة بن سحيم) بضم السين وفتح الحاء المهملتين وبعد المثناة التحتية الساكنة ميم وجبلة بفتح الجيم والموحدة واللام التيمي (قال: سمعت ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) نهي تنزيه (أن يقرن الرجل) بفتح الياء وسكون القاف وضم الراء وصحح عليه في اليونينية وفي غيرها يقرن بكسر الراء. قال الصغاني: يقال فيه يقرن ويقرن بضم الراء وكسرها مع فتح أولهما ويقرن بكسر الراء مع ضم الأول (بين التمرتين جميعًا) في الأكل بين الشركاء (حتى يستأذن أصحابه).
وهذا الحديث قد سبق في المظالم.
2490 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَبَلَةَ قَالَ: "كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فَأَصَابَتْنَا سَنَةٌ، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقُنَا التَّمْرَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِنَا فَيَقُولُ: لاَ تَقْرُنُوا، فَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنِ الإِقْرَانِ، إِلاَّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ".
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن جبلة) بن سحيم أنه (قال: كنا بالمدينة فأصابتنا سنة) عام مقحط لم تنبت الأرض فيه شيئًا سواء نزل غيث أو لم ينزل (فكان ابن الزبير) عبد الله (يرزقنا التمر) أي يقوتنا به، (وكان ابن عمر) بن الخطاب