وليس فيه إلا مواساة بعضهم بعضًا والإباحة وهذا لا يسمى هبة لأن الهبة تمليك المال والتمليك غير الإباحة وأيضًا الهبة لا تكون إلا بالإيجاب والقبول ولابد فيها من القبض عند جمهور العلماء ولا تجوز فيما يقسم إلا محوزة مقسومة.

ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة والحديث أخرجه مسلم في الفضائل والنسائي في السير والله أعلم.

2 - باب مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فِي الصَّدَقَةِ

هذا (باب) بالتنوين (ما كان من خليطين) أي مخالطين وهما الشريكان (فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية في الصدقة) قيد بالصدقة لوروده فيها لأن التراجع لا يصح بين الشريكين في الرقاب.

2487 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ: "أَنَّ أَبَا بَكْرٍ -رضي الله عنه- كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ".

وبه قال: (حدّثنا محمد بن عبد الله بن المثنى) بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري البصري القاضي (قال: حدّثني) بالإفراد (أبي) عبد الله (قال: حدّثني) بالإفراد أيضًا (ثمامة) بضم المثلثة وتخفيف الميم (ابن عبد الله بن أنس) وثمامة عمّ عبد الله بن المثنى (أن) جده (أنسًا) هو ابن مالك (حدّثه أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- كتب له فريضة الصدقة التي فرض) أي قدر (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(وما كان من خليطين) تثنية خليط وهو الشريك (فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية) أي أن الشريكين إذا خلطا رأس مالهما والربح بينهما فمن أنفق من مال الشركة أكثر مما أنفق صاحبه تراجعا عند القسمة بقدر ذلك لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر الخليطين في الغنم بالتراجع بينهما وهما شريكان فدلّ ذلك على أن كل شريكين في معناهما قاله أبو سليمان الخطابي.

وتعقبه ابن المنير: بأن التراجع الواقع بين الخليطين في الفتح ليس من باب قسمة الربح إنما أصله غرم مستهلك لأنّا نقدّر من لم يعط استهلك مال من أعطى إذا أعطى عن حق وجب على غيره وقيل إنما يقدر مستلفًا من صاحبه على ذلك الخلاف في وقت التقويم عند التراجع هل يقوّم وقت الأخذ أو وقت الوفاء فالأول على أنه استهلك والثاني على أنه استلف قال وفيه حجة لمذهب مالك رحمه الله أن من قام عن غيره بواجب فله الرجوع عليه وإن لم يكن أذن له في القيام عنه، وأما لو ذبح أحد الخليطين أو الشريكين من الشركة شيئًا فهو مستهلك فالقيمة يوم الاستهلاك قولاً واحدًا بخلاف ما يأخذه الساعي كذا نقله عن ابن المنير في المصابيح والفتح بنحوه مختصرًا.

وهذا الحديث بهذا السند قد ذكره المؤلّف في مواضع مقطعًا في عشرة مواضع سبق منها في الزكاة ستة وباقيها في الشركة والخمس واللباس وترك الحيل، وأخرجه أبو داود في موضع واحد بتمامه.

3 - باب قِسْمَةِ الْغَنَمِ

(باب قسمة الغنم) أي بالعدد.

2488 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ الأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ فَأَصَابُوا إِبِلاً وَغَنَمًا، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أُخْرَيَاتِ الْقَوْمِ، فَعَجِلُوا وَذَبَحُوا وَنَصَبُوا الْقُدُورَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ ثُمَّ قَسَمَ، فَعَدَلَ عَشْرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَأَهْوَى رَجُلٌ مِنْهُمْ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا. فَقَالَ جَدِّي: إِنَّا نَرْجُو -أَوْ نَخَافُ- الْعَدُوَّ غَدًا، وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى، أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ؟ قَالَ: مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوهُ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ". [الحديث 2488 - أطرافه في: 2507، 3075، 5498، 5503، 5506، 5509، 5543، 5544].

وبه قال: (حدّثنا عليّ بن الحكم) بفتحتين ابن ظبيان بفتح المعجمة وسكون الموحدة المروزي (الأنصاري) المؤدب قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري (عن سعيد بن مسروق) بن عدي والد سفيان الثوري (عن عباية بن رفاعة) بفتح العين المهملة وتخفيف الموحدة وبعد الألف مثناة تحتية مفتوحة ورفاعة بكسر الراء (ابن رافع بن خديج) بفتح الخاء المعجمة وآخره جيم (عن جده) رافع بن خديج -رضي الله عنه- أنه (قال كنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذي الحليفة) زاد مسلم كالمؤلّف في باب من عدل عشرًا من الغنم بجزور من تهامة وهو يردّ على النووي حيث قال تبعًا للقابسي إنه المهل الذي

بقرب المدينة قال السفاقسي: وكان ذلك سنة ثمان من الهجرة في قضية حُنين (فأصاب الناس جوع فأصابوا إبلاً وغنمًا) بكسر الهمزة والموحدة لا واحد له من لفظه بل واحده بعير (قال) رافع (وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أُخريات القوم) بضم الهمزة للرفق بهم وحمل النقطع (فعجلوا) بكسر الجيم وفي الفرع بفتحها ولم يضبطها في اليونينية (وذبحوا) مما أصابوه (ونصبوا القدور) بعد أن وضعوا اللحم فيها للطبخ (فأمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالقدور) أن تكفأ (فأكفئت) بضم الهمزة الأولى أي أميلت ليفرغ ما فيها يقال كفأت الإناء وأكفأته إذا أملته وإنما أكفئت لأنهم ذبحوا الغنم قبل أن تقسم ولم يكن لهم ذلك وقال النووي لأنهم كانوا قد انتهوا إلى دار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015