ما لا يليق به عرفًا وهو ينقسم أيضًا إلى قسمين: ما يكون لدفع مفسدة ناجزة أو متوقعة فليس هذا بإسراف، والثاني: ما لا يكون في شيء من ذلك والجمهور علي أنه إسراف.
وذهب بعض الشافعية إلى أنه ليس بإسراف قال لأنه تقوم به مصلحة البدن وهو غرض صحيح إذا كان في غير معصية فهو مباح. قال ابن دقيق العيد: وظاهر القرآن يمنع ما قاله اهـ.
وقد صرّح بالمنع القاضي حسين، وتبعه الغزالي وجزم به الرافعي وصحح في باب الحجر من الشرح، وفي المحرر أنه ليس بتبذير، وتبعه النووي والذي يترجح أنه ليس مذمومًا لذاته لكنه يفضي غالبًا إلى ارتكاب المحذور كسؤال الناس وما أدّى إلى المحذور فهو محذور.
ورواة هذا الحديث كلهم كوفيون ومنصور وشيخه وشيخ شيخه تابعيون، وسبق في باب قول الله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافًا} [البقرة: 273] من كتاب الزكاة.
هذا (باب) بالتنوين (للعبد راعٍ في مال سيده ولا يعمل إلا بإذنه).
2409 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ: فَالإِمَامُ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ، وَهْيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.
قَالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلاَءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (سالم بن عبد الله عن) أبيه (عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه (يقول):
(كلكم راعٍ و) كل راعٍ (مسؤول عن رعيته) أصل راعٍ راعي بالياء فأعلّ إعلال قاضٍ من رعى يرعى وهو حفظ الشيء وحسن التعهد له، والراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه فكل من كان تحت نظره شيء فهو مطلوب بالعدل فيه والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته فإن وفى ما عليه من الرعاية حصل له الحظ الأوفر والجزاء الأكبر وإن كان غير ذلك طالبه كل أحد من رعيته بحقه ثم فصل ما أجمله فقال: (فالإمام) الأعظم أو نائبه (راعٍ) فيما استرعاه الله فعليه حفظ رعيته فيما تعين عليه من حفظ شرائعهم والذبّ عنها وعدم إهمال حدودهم وتضييع حقوقهم وترك حمايتهم ممن جار عليهم ومجاهدة عدوّهم فلا يتصرف فيهم إلا بإذن الله ورسوله ولا يطلب أجره إلا من الله (وهو مسؤول عن رعيته، والرجل في أهله) زوجته وغيرها (راعٍ) بالقيام عليهم بالحق في النفقة وحسن العاشرة (وهو مسؤول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية) بحسن التدبير في أمر بيته والتعهد لخدمه وأضيافه (وهي مسؤولة عن رعيتها والخادم) أي العبد (في مال سيده راعٍ) بالقيام بحفظ ما في يده منه وخدمته وسقط من رواية أبي ذر قوله راع (وهو مسؤول عن رعيته قال) ابن عمر: (فسمعت هؤلاء من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأحسب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال والرجل في مال أبيه راعٍ وهو مسؤول عن رعبته فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته).
قال الطيبي: الفاء في فكلكم جواب شرط محذوف الفذلكة وهي التي يأتي بها الحاسب بعد التفصيل ويقول فذلك كذا وكذ ضبطًا للحساب وتوقيًا عن الزيادة والنقصان فيما فصله وقوله: "كلكم راعٍ" تشبيه مضمر الأداة أي كلكم مثل الراعي، وكلكم مسؤول عن رعيته حال عمل فيه معنى التشبيه وهذا مطّرد في التفصيل. ووجه التشبيه حفظ الشيء وحسن التعهد لما استحفظه وهو القدر المشترك في التفصيل، وفيه أن الراعي ليس مطلوبًا لذاته وإنما أقيم بحفظ ما استرعاه انتهى.
فمن لم يكن إمامًا ولا أهل له ولا سيد ولا أب فرعايته على أصدقائه وأصحاب معاشرته، وإذا كان كلٌّ منّا راعيًا فمن الرعية أجاب الكرماني أعضاؤه وجوارحه وقواه وحواسه أو الراعي يكون مرعيًّا باعتبار آخر ككونه مرعيًّا للإمام راعيًا لأهله أو الخطاب خاص بأصحاب التصرفات.
وهذا الحديث قد سبق في باب الجمعة في القرى والمدن من كتاب الجمعة.
بسم الله الرحمن الرحيم
(في الخصومات) جمع خصومة (بسم الله الرحمن الرحيم) وسقط لغير أبي ذر قوله في الخصومات.
(باب ما يذكر) بضم أوله وفتح ثالثه مبنيًا للمفعول (في الأشخاص) بكسر الهمزة وسكون الشين وبالخاء المعجمتين أي إحضار الغريم من موضع إلى موضع، ولأبي ذر زيادة: والملازمة وهي مفاعلة