حجر الجنون والصبا والسفه وكلٍّ منها أعمّ مما بعده.

(وما ينهى عن الخداع) في البيع وهو عطف على سابقه أيضًا.

2407 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: "قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنِّي أُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ: إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لاَ خِلاَبَةَ. فَكَانَ الرَّجُلُ يَقُولُهُ".

وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن عبد الله بن دينار) أنه قال (سمعت ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رجل) هو حبان بن منقذ أو والده منقذ بن عمرو (للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إني أخدع) بضم الهمزة وسكون الخاء المعجمة وفتح الدال آخره عين مهملتين أي أغبن (في البيوع، فقال) عليه الصلاة والسلام له:

(إذا بايعت فقل لا خلابة) بكسر الخاء المعجمة وتخفيف اللام وبعد الألف موحدة أي لا خديعة (فكان الرجل يقوله) وهذه واقعة عين وحكاية حال فمذهب الحنفية والشافعية أن الغبن غير لازم سواء قل الغبن أو أكثر وهو الأصح من روايتي مالك. وقال البغداديون من أصحابه: للمغبون الخيار بشرط أن يبلغ الغبن ثلث القيمة وإن كان دونه فلا وكذا قاله بعض الحنابلة.

وهذا الحديث قد سبق في باب ما يكره من الخداع في البيع من كتاب البيوع، ومطابقته لما ترجم له هنا من حيث إن الرجل كان يغبن في البيوع وهو من إضاعة المال.

2408 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ. وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ».

وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني (عثمان) بن أبي شببة قال (حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن الشعبي) عامر بن شراحيل (عن وراد) بتشديد الراء الكوفي (مولي المغيرة بن شعبة) وكاتبه (عن المغيرة بن شعبة) بن مسعود الثقفي الصحابي المشهور أسلم قبل الحديبية وولي إمرة البصرة ثم الكوفة المتوفى سنة خمسين على الصحيح أنه قال: (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(إن الله) عز وجل (حرم عليكم عقوق الأمهات) وكذا حرم عقوق الآباء وخص الأمهات بالذكر لأن برهن مقدم على بر الأب في التلطف والحنو لضعفهن فهو من تخصيص الشيء بالذكر إظهارًا لتعظيم موقعه (ووأد) بفتح الواو وسكون الهمزة دفن (البنات) أحياء حين يولدن وكان أهل الجاهلية يفعلون ذلك كراهية فيهن وقيل: إن أول من فعل ذلك قيس بن عاصم التميمي وكان بعض أعدائه أغار عليه فأسر ابنته فاتخذها لنفسه ثم حصل بينهم صلح فخيّر ابنته فاختارت زوجها فآلى قيس على نفسه أن لا تولد له بنت إلا دفنها حيّة فتبعه العرب على ذلك (ومنع) بفتحات بغير صرف، ولأبي ذر: ومنعًا بسكون النون مع تنوين العين أي وحرم عليكم منع الواجبات من الحقوق (وهات) بالبناء على الكسر فعل أمر من الإيتاء أي وحرم أخذ ما لا يحل من أموال الناس أو يمنع الناس رفده ويأخذ رفدهم (وكره لكم قبل) كذا (وقال) فلان كذا مما يتحدث به من فضول الكلام (وكثرة السؤال) في العلم للامتحان وإظهار المراء أو مسألة الناس أموالهم أو عما لا يعني وربما يكره المسؤول الجواب فيفضي إلى سكوته فيحقد عليهم أو يلتجئ إلى أن يكذب، وعد منه قول الرجل لصاحبه أين كنت، وأما السائل المنهي عنها في زمنه عليه الصلاة والسلام فكان ذلك خوف أن

يفرض عليهم ما لم يكن فرضًا وقد أمنت الغائلة (و) كره أيضًا (إضاعة المال) السرف في إنفاقه كالتوسع في الأطعمة اللذيذة والملابس الحسنة وتمويه الأوافي والسقوف بالذهب والفضة لما ينشأ عن ذلك من القسوة وغلظ الطبع. وقال سعيد بن جبير إنفاقه في الحرام والأقوى أنه ما أنفق في غير وجهه المأذون فيه شرعًا سواء كانت دينية أو دنيوية فمنع منه لأن الله تعالى جعل المال قيامًا لمصالح العباد وفي تبذيرها تفويت تلك المصالح إما في حق مضيعها وإما في حق غيره، ويستثنى من ذلك كثرة إنفاقه في وجوه البر لتحصيل ثواب الآخرة ما لم يفوت حقًا أخرويًّا هو أهم منه.

والحاصر أن في كثرة الإنفاق ثلاثة أوجه:

الأول: إنفاقه في الوجوه المذمومة شرعًا فلا شك في منعه.

والثاني: إنفاقه في الوجوه المحمودة شرعًا فلا ريب في كونه مطلوبًا بالشرط المذكور.

والثالث: إنفاقه في المباحات بالأصالة كملاذ النفس فهذا ينقسم إلى قسمين.

أحدهما: أن يكون على وجه يليق بحال المنفق وبقدر ماله فهذا ليس بإسراف.

والثاني:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015