عنهم هيبة منه وتوقيرًا لهم (ثم قالوا: حدّثنا) بكسر الدال وسكون المثلثة (ما هي يا رسول الله: قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (هي النخلة). وعند المؤلف في التفسير من طريق نافع عن ابن عمر قال: كنا عند
رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: أخبروني بشجرة كالرجل المسلم لا يتحات ورقها ولا ولا ولا ذكر النفي ثلاث مرات على طريق الاكتفاء، وقد ذكروا في تفسيره ولا ينقطع ثمرها ولا يعدم فيئها ولا يبطل نفعها.
هذا (باب طرح) بالجر للإضافة أي إلقاء (الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم) أي ليمتحن الذي عندهم (من العلم).
62 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ؟
قَالَ: فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ. ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: هِيَ النَّخْلَةُ».
وبه قال: (حدّثنا خالد بن مخلد) بفتح الميم وسكون الخاء أبو الهيثم القطواني بفتح القاف والطاء نسبة لموضع بالكوفة البجلي مولاهم الكوفي تكلم فيه. وقال ابن عدي: لا بأس به المتوفى في المحوم سنة ثلاث عشرة ومائتين قال: (حدّثنا سليمان) بن بلال أبو محمد التيمي القرشي المدني الفقيه المشهور، وكان بربريًّا حسن الهيئة وتوفي سنة اثنتين وسبعين ومائة في خلافة هارون الرشيد. قال: (حدّثنا عبد الله بن دينار عن ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما (عن النبي) أنه (قال):
(إن من الشجر شجرة) زاد المؤلف في باب الفهم في العلم قال: صحبت ابن عمر إلى المدينة فقال: كنا عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأُتي بجمارة فقال: إن من الشجر شجرة (لا يسقط ورقها وإنها مثل) بكسر الأوّل وسكون الثاني وبفتحهما على ما مرّ أي شبه (المسلم، حدّثوني) كذا في الرواية بغير فاء على الأصل (ما هي؟ قال: فوقع الناس في شجر البوادي) أي ذهبت أفكارهم إليها دون النخلة، وسقطت لفظة قال من الرواية الأولى (قال عبد الله) بن عمر رضي الله عنهما: (فوقع في نفسي) وفي الرواية السابقة ووقع في نفسي (أنها النخلة). وفي صحيح أبي عوانة قال: فظننت أنها النخلة من أجل الجمار الذي أُتي به. زاد في رواية أبي ذر عن المستملي وأبي الوقت والأصيلي فاستحييت.
قال في رواية مجاهد عند المؤلف في باب الفهم في العلم: فأردت أن أقول هي النخلة فإذا أنا أصغر القوم وعنده في الأطعمة فإذا أنا عاشر عشرة أنا أحدثهم، وفي رواية نافع: ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان فكرهت أن أتكلم. (ثم قالوا: حدّثنا) المراد منه الطلب والسؤال (ما هي يا رسول الله؟ قال: هي النخلة) ولابن عساكر حدّثنا يا رسول الله. قال: هي النخلة، وللأصيلي ثم قالوا: حدّثنا يا رسول الله. ووجه الشبه بين النخلة والمسلم من جهة عدم سقوط الورق كما رواه الحرث بن أبي أسامة في هذا الحديث كنا ذكره السهيلي في التعريف. وقال زاد زيادة تساوي رحلة ولفظه عن ابن عمر قال: كنا عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات يوم فقال: إن مثل المؤمن كمثل شجرة لا يسقط لا أبلمة أتدرون ما هي؟ قالوا: لا. قال: هي النخلة لا يسقط لها أبلمة ولا يسقط لمؤمن دعوة فبيّن وجه
الشبه. قال ابن حجر: وعند المؤلف في الأطعمة من حديث ابن عمر بينما نحن عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ أُتي بجمارة فقال: إن من الشجر لا بركته كبركة السلم وهذا أعمّ من الذي قبله. وبركة النخلة موجودة في جميع أجزائها تستمر في جميع أحوالها من حين تطلع إلى حين تيبس تؤكل أنواعًا ثم ينتفع بجميع أجزائها حتى النوى في علف الدواب والليف في الحبال وغير ذلك مما لا يخفى، وكذلك بركة السلم عامة في جميع الأحوال ونفعه مستمر له ولغيره. وأما من قال: إن وجه الشبه كون النخلة خلقت من فضل طينة آدم فلم يثبت الحديث بذلك، وفائدة إعادته لهذا الحديث اختلاف السند المؤذن بتعداد مشايخه واتساع روايته مع استفادة الحكم المترتب عليه المقتضي لدقّة نظره في تصرفه في تراجم أبوابه، والله الموفق والمعين.
بَابُ الْقِرَاءَةُ وَالْعَرْضُ عَلَى الْمُحَدِّثِ. وَرَأَى الْحَسَنُ وسُفيانُ وَمَالِكٌ الْقِرَاءَةَ جَائِزَةً. وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الْعَالِمِ بِحَدِيثِ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ؟ قَالَ «نَعَمْ». قَالَ: فَهَذِهِ قِرَاءَةٌ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرَ ضِمَامٌ قَوْمَهُ بِذَلِكَ فَأَجَازُوهُ. وَاحْتَجَّ مَالِكٌ بِالصَّكِّ يُقْرَأُ عَلَى الْقَوْمِ فَيَقُولُونَ أَشْهَدَنَا فُلاَنٌ: وَيُقْرَأُ ذَلِكَ قِرَاءَةً عَلَيْهِمْ، وَيُقْرَأُ عَلَى الْمُقْرِئِ فَيَقُولُ الْقَارِئُ: أَقْرَأَنِي فُلاَنٌ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْوَاسِطِيُّ عَنْ عَوْفٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لاَ بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ عَلَى الْعَالِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ. وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرَبْرِيُّ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: إِذَا قُرِئَ عَلَى الْمُحَدِّثِ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَقُولَ: حَدَّثَنِي. قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يَقُولُ عَنْ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ: الْقِرَاءَةُ عَلَى الْعَالِمِ وَقِرَاءَتُهُ سَوَاءٌ.
(باب ما جاء في العلم وقول الله تعالى: وقل رب زدني علمًا) أي سل الله تعالى زيادة العلم وهذا ساقط في رواية ابن عساكر والأصيلي وأبوي ذر والوقت، والباب التالي له ساقط عند الأصيلي وأبي ذر وابن عساكر.
(باب القراءة والعرض على المحدث) وفي نسخة القراءة والعرض على المحدث بحذف الباب أي بأن يقرأ عليه الطالب من حفظه أو كتاب أو يسمعه عليه بقراءة غيره من كتاب أو حفظ والمحدّث