أطلق كان هو المراد من بين العبادلة (سمعت النبي) ولأبي ذر والأصيلي سمعت من النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كلمة) وهذا وصله المؤلف في الجنائز.
(وقال حذيفة) بن اليمان صاحب سرّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المنافقين، المتوفى بالمدائن سنة ست وثلاثين بعد قتل عثمان رضي الله عنه بأربعين ليلة ومقول قوله: (حدّثنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حديثين) وهذا وصله المؤلف في الرقاق، وساق التعاليق الثلاثة تنبيهًا على أن الصحابي تارة يقول حدّثنا، وتارة يقول سمعت، فدلّ على عدم الفرق بينهما. ثم عطف على هذه الثلاثة ثلاثة أخرى فقال: (وقال أبو العالية) بالمهملة والمثناة التحتية هو رفيع بضم الراء وفتح الفاء ابن مهران بكسر الميم الرياحي بالمثناة التحتية والحاء المهملة، أسلم بعد موته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسنتين، وتوفي سنة تسعين. وقال العيني، كالقطب الحلبي: هو البراء بتشديد الراء نسبة لبري النبل، واسمه زياد بن فيروز القرشي البصري المتوفى سنة تسعين. قال ابن حجر: وهو وهم فإن الحديث المذكور معروف برواية الرياحي دونه، وتعقبه العيني بأن كل واحد منهما يروي عن ابن عباس، وترجيح أحدهما عن الآخر في رواية هذا الحديث عن ابن عباس يحتاج إلى دليل، وبأن قوله: فإن الحديث المذكور معروف برواية الرياحي دونه يحتاج إلى نقل عن أحد يعتمد عليه. وأجاب في انتقاض الاعتراض بأن المصنف وصله في التوحيد، ولو راجعه العيني من هناك لما احتاج إلى طلب الدليل. (عن ابن عباس، عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما يروي عن ربه) عز وجل.
(وقال أنس) بن مالك رضي الله عنه (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يرويه عن ربه عز وجل) وللأصيلي فيما يرويه عن ربه، ولأبوي ذر والوقت تبارك وتعالى بدلاً عن قوله عز وجل.
(وقال أبو هريرة) رضي الله عنه (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يرويه عن ربكم عز وجل) بكاف الخطاب مع ميم الجمع، وهذه التعاليق الثلاثة وصلها المؤلف في كتاب التوحيد، وأوردها هنا تنبيهًا على حكم المعنعن، والذي ذهب إليه هو وأئمة جمهور المحدّثين أنه موصول إذا أتى عن رواة مسمّين معروفين بشرط السلامة واللقاء، وهو مذهب ابن المديني وابن عبد البر والخطيب وغيرهم. وعزاه النووي للمحققين بل هو مقتضى كلام الشافعي. نعم لم يشترطه مسلم بل أنكر اشتراطه في مقدمة صحيحة وادّعى أنه قول مخترع لم يسبق قائله إليه، وإن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار قديمًا وحديثًا ما ذهب هو إليه من عدم اشتراطه لكنه اشترط تعاصرهما فقط، وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا وتشافها يعني تحسينًا للظن بالثقة وفيما قاله نظر يطول ذكره.
61 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ، فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ؟ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ. ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: هِيَ النَّخْلَةُ». [الحديث 61 - أطرافه في: 62، 72، 131، 2209، 4698، 5444، 5448، 6132، 6144].
وبالسند إلى المؤلف رحمه الله قال: (حدّثنا قتيبة) زاد في رواية ابن عساكر ابن سعيد وقد مرّ قال: (حدّثنا إسماعيل بن جعفر) المذكور في باب علامة المنافق (عن عبد الله بن دينار) السابق في باب أمور الإيمان (عن ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(إن من الشجر) أي من جنسه (شجرة) بالنصب اسم إن وخبرها الجار والمجرور ومن للتبعيض. وقوله (لا يسقط ورقها) في محل نصب صفة لشجرة وهي صفة سلبية تبين أن موصوفها مختص بها دون غيرها (وإنها مثل المسلم) بكسر الهمزة عطفًا على أن الأولى وبكسر ميم مثل وسكون المثلثة كذا في رواية أبي ذر، وفي رواية الأصيلي وكريمة مثل بفتحهما كشبه وشبه لفظًا ومعنى، واستعير المثل هنا كاستعارة الأسد للمقدام للحال العجيبة أو الصفة الغريبة كأنه قال: حال المسلم العجيب الشأن كحال النخلة أو صفته الغريبة كصفتها فالمسلم هو المشبه والنخلة هي المشبه بها.
وقوله: (فحدّثوني) فعل أمر أي إن عرفتموها فحدّثوني (ما هي) جملة من مبتدأ وخبر سدّت مسد مفعول التحديث (فوقع الناس في شجر البوادي) أي جعل كل منهم يفسرها بنوع من الأنواع وذهلوا عن النخلة، (قال عبد الله) بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: (ووقع في نفسي أنها النخلة) بالرفع خبر أن وبفتح الهمزة لأنها فاعل وقع (فاستحييت) أن أتكلم، وعنده أبو بكر وعمر وغيرهما رضي الله