رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في) ليالي (رمضان؟ فقالت: ما كان) عليه الصلاة والسلام (يزيد في رمضان ولا في غيرها) من ليالي غيره، ولابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني: ولا في غيره أي في غير رمضان (على إحدى عشرة ركعة) وحديثها أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا دخل العشر يجتهد فيه ما لا يجتهد في غيره يحمل على التطويل في الركعات دون الزيادة في العدد نعم في رواية هشام بن عروة عن أبيه كان يصلّي من الليل ثلاث عشرة ركعة، لكن أجيب بأن منها ركعتي الفجر كما صرح بذلك في رواية القاسم عنها (يصلّي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن) أي هن في نهاية من كمال الحسن والطول مستغنيات لظهور حسنهن وطولهن عن الوصف (ثم يصلّي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلّي ثلاثًا) قالت (فقلت يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ قال):

(يا عائشة إن عيني تنامان، ولا ينام قلبي) وإنما كان قلبه الشريف لا ينام لأن القلب إذا قويت فيه الحياة لا ينام إذا نام البدن فافهم.

وهذا الحديث قد سبق قيام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالليل في رمضان وغيره من أبواب التهجد.

بسم الله الرحمن الرحيم

32 - كتاب فضل ليلةِ القدر

1 - باب فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}.

قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ {مَا أَدْرَاكَ} فَقَدْ أَعْلَمَهُ، وَمَا قَالَ: {وَمَا يُدْرِيكَ} فَإِنَّهُ لَمْ يُعْلِمْهُ.

(بسم الله الرحمن الرحيم).

(باب فضل ليلة القدر) بفتح القاف وإسكان الدال سميت بذلك لعظم قدرها أي ذات القدر العظيم لنزول القرآن فيها، ووصفها بأنها خير من ألف شهر، أو لما يحصل لمحييها بالعبادة من القدر الجسيم، أو لأن الأشياء تقدر فيها وتقضى لقوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم} [الدخان: 4] وتقدير الله تعالى سابق فهي ليلة إظهار الله تعالى ذلك التقدير للملائكة ويجوز فتح الدال على أنه مصدر قدر الله الشيء قدرًا وقدر لغتان كالنهر والنهر، وقال سهل بن عبد الله: لأن الله تعالى يقدر الرحمة فيها على عباده المؤمنين، وعن الخليل بن أحمد لأن الأرض تضيق فيها عن الملائكة من قوله: {ومن قدر عليه رزقه} [الطلاق: 7] وقد سقطت البسملة لغير أبي ذر (وقول الله تعالى) بالجر عطفًا على سابقه أي في بيان تفسير قول الله تعالى، ولا ذر وابن عساكر: وقال الله تعالى: ({إنا أنزلناه}) أي القرآن ({في ليلة القدر}) بإسكان الدال من غير خلاف بين القراء وكان إنزاله فيها جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا ثم نزل مفصلاً بحسب الوقائع ({وما أدراك ما ليلة القدر}) تفخيم وتعظيم بلفظ الاستفهام ({ليلة القدر خير من ألف شهر}) أي من ألف شهر ليس فيها تلك الليلة أو العمل في تلك الليلة أفضل من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، وعند ابن أبي

حاتم بسنده إني مجاهد مرسلاً ورواه البيهقي في سننه أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكر رجلاً من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر قال: فعجب المسلمون من ذلك قال فأنزل الله تعالى: ({إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر) [سورة القدر] التي لبس فيها ذلك الرجل السلاح في سبيل الله ألف شهر، وعند ابن أبي حاتم أيضًا بسنده إلى علي بن عروة ذكر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومًا أربعة من بني إسرائيل عبدوا الله مائتي عام لم يعصوه طرفة عين فذكر أيوب وزكريا وحزقيل ويوشع بن نون، فعجب أصحاب رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من ذلك فأتاه جبريل فقال: عجبت أمتك من عبادة ثمانين سنة لم يعصوه طرفة عين فقد أنزل الله تعالى خيرًا من ذلك فقرأ عليه: {إنّا أنزلناه في ليلة القدر} هذا أفضل مما عجبت أمتك قال: فسرّ ذلك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والناس معه.

وعن مالك مما في الموطأ أنه قال: سمعت من أثق به يقول: إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أري أعمار الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك فكأنه تقاصر إليه أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله تعالى ليلة القدر وجعلها خيرًا من ألف شهر قال: وقد خص الله تعالى بها هذه الأمة فلم تكن لمن قبلهم على الصحيح المشهور وهل هي باقية أو رفعت؟ حكى الثاني المتولي في التتمة عن الروافض، وحكى الفاكهاني أنها خاصة بسنة واحدة ووقعت في زمنه عليه الصلاة والسلام وهل هي ممكنة في جميع السنة؟ وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015