بن زيد رواه عن عمرو مرسلاً بدون ابن عباس، لكن قد تابع ابن عيينة على وصله ابن جريج وغيره. ويكون في المتن كزيادة يوم عرفة في حديث "أيام التشريق أيام أكل وشرب" فإن الحديث من جميع طرقه بدونها، وإنما جاء بها موسى بن علي (بالتصغير) ابن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر، كما أشار إليه ابن عبد البر. على أنه قد صحح حديث موسى هذا ابنا خزيمة وحبان والحاكم، وقال على شرط مسلم، وقال الترمذي حسن صحيح. وكأن ذلك لأنها زيادة ثقة غير منافية لإمكان حملها على حاضري عرفة.
والمنكر الذي لا يعرف متنه من غير جهة راويه فلا متابع له ولا شاهد، قاله البرديجي. والصواب التفصيل الذي ذكره ابن الصلاح في الشاذ، فمثال ما انفرد به ثقة يحمل تفرّده حديث مالك عن الزهري عن علي بن حسين عن عمر بن عثمان عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما رفعه
"لا يرث المسلم الكافر" فإن مالكًا خالف في تسمية راويه عمر بضم العين، غيره، حيث هو عندهم عمرو بفتحها. وقطع مسلم وغيره على مالك بالوهم فيه. ومثال ما انفرد به ثقة لا يحمل تفرده حديث أبي ذكير يحيى بن محمد بن قيس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها مرفوعًا: كلوا البلح بالتمر. الحديث تفرد به أبو ذكير وهو شيخ صالح أخرج له مسلم في صحيحه، غير أنه لم يبلغ مبلغ من يحمل تفرده، وقد ضعفه ابن معين وابن حبان، وقال ابن عدي أحاديثه مستقيمة سوى أربعة عدّ منها هذا.
والمضطرب ما روي على أوجه مختلفة متدافعة على التساوي في الاختلاف من راوٍ واحد، بأن رواه مرة على وجه وأخرى على آخر مخالف له، أو رواه أكثر بأن يضطرب فيه راويان فأكثر، ويكون في سند رواته ثقات، كحديثًا "شيبتني هود وأخواتها"، فإنه اختلف فيه على أبي إسحق، فقيل عنه عن عكرمة عن أبي بكر، ومنهم من زاد بينهما ابن عباس، وقيل عنه عن أبي جحيفة عن أبي بكر، وقيل عنه عن البراء عن أبي بكر، وقيل عنه عن أبي ميسرة عن أبي بكر، وقيل عنه عن مسروق عن عائشة عن أبي بكر، وقيل عنه عن علقمة عن أبي بكر، وقيل عنه عن عامر بن سعد البجلي عن أبي بكر، وقيل عنه عن عامر بن سعد عن أبيه عن أبي بكر، وقيل عنه عن مصعب بن سعد عن أبيه عن أبي بكر، وقيل عنه عن أبي الأحوص عن ابن مسعود. وقد يكون الاضطراب في المتن، وقل أن يوجد مثال سالم له كحديث نفي البسملة، حيث زال الاضطراب عنه بحمل نفي القراءة على نفي السماع، ونفي السماع على نفي الجهر كما قرر في موضعه من المطوّلات. ثم إن الاضطراب سواء كان في السند أو في المتن موجب للضعف لإشعاره بعدم ضبط الراوي.
والموضوع هو الكذب على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ويسمى المختلق الموضوع، وتحرم روايته مع العلم به إلا مبينًا، والعمل به مطلقًا وسببه نسيان أو افتراء أو نحوهما، ويعرف بإقرار واضعه أو قرينة في الراوي والروي، فقد وضعت أحاديث يشهد بوضعها ركاكة ألفاظها ومعانيها. وروينا عن الربيع بن خيثم التابعي الجليل أنه قال إن للحديث ضوءًا كضوء النهار يعرف، وظلمة كظلمة الليل تنكر.
والمقلوب كحديث متنه مشهور براو كسالم أبدل بواحد من الرواة نظيره في الطبقة كنافع ليرغب فيه لغرابته، أو قلب سند لمتن آخر مروي بسند آخر بقصد امتحان حفظ المحدث، كقلب أهل بغداد على البخاري رحمه الله تعالى مائة حديث امتحانًا، فردّها على وجوهها كما سيأتي إن شاء الله تعالى في ترجمته.
والمركب كإبدال نحو سالم بنافع كما مر، أو الذي ركب إسناده لمتن آخر ومتنه لإسناد متن آخر.
والمنقلب الذي ينقلب بعض لفظه على الراوي فيتغير معناه، كحديث البخاري في باب أن رحمة الله قريب من المحسنين عن صالح بن كيسان عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه،
"اختصمت الجنة والنار إلى ربّهما" الحديث. وفيه أنه ينشىء للنار خلقًا صوابه كما رواه في موضع آخر من طريق عبد الرزاق عن همام عن أبي هريرة بلفظ، فأما الجنة فينشىء الله لها خلقًا، فسبق لفظ الراوي من الجنة إلى النار، وصار منقلبًا. ولذا جزم ابن القيم بأنه غلط، ومال إليه البلقيني حيث أنكر هذه الرواية، واحتج بقوله ولا يظلم ربك أحدًا.
والمدبج