من سكنها.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الحج.
(تابعه) أي تابع جرير بن حازم (عثمان بن عمر) بضم العين البصري مما وصله الذهلي في الزهريات (عن يونس) بن يزيد الأيلي عن ابن شهاب.
1886 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَنَظَرَ إِلَى جُدُرَاتِ الْمَدِينَةِ أَوْضَعَ رَاحِلَتَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دَابَّةٍ حَرَّكَهَا، مِنْ حُبِّهَا".
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا إسماعيل بن جعفر) الأنصاري الزرقي (عن حميد) بضم الحاء وفتح الميم مصغرًا ابن أبي حميد الطويل البصري (عن أنس -رضي الله عنه-):
(أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا قدم من سفر فنظر إلى جدرات المدينة) بضم الجيم والدال جمع جدار جمع سلامة (أوضع) بفتح الهمزة وسكون الواو وبالضاد المعجمة أي حمل (راحلته) على السير السريع (وإن كان على دابة حركها من حبها) أي حرك الدابة من حب المدينة وقد استجاب الله تعالى دعاء نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حيث دعا اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد حتى كان يحرك دابته إذا رآها من حبها اللهم حببها إلينا وحبب صالحي أهلها فينا واجعل لنا بها قرارًا ورزقًا وتوفنا بها في عافية بلا محنة.
11 - باب كَرَاهِيَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَةُ
(باب كراهية النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن تعرى المدينة) بضم التاء من تعرى أي تخلو وأعريت المكان جعلته خاليًا ولأبي ذر أن تعرى بفتحها أي تخلو وتصير عراء وهو الفضاء من الأرض الذي لا سترة به.
1887 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "أَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَتَحَوَّلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَةُ، وَقَالَ: يَا بَنِي سَلِمَةَ أَلاَ تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ؟ فَأَقَامُوا".
وبالسند قال: (حدّثنا) ولأبي ذر وابن عساكر حدثني بالإفراد (ابن سلام) بتخفيف اللام محمد السلمي مولاهم البخاري البيكندي قال: (أخبرنا الفزاري) بفتح الفاء وتخفيف الزاي وبعدها راء مروان بن معاوية (عن حميد الطويل عن أنس -رضي الله عنه- قال: أراد بنو سلمة) بكسر اللام بطن كبير من الأنصار (أن يتحولوا) من منازلهم (إلى قرب المسجد) لأنها كانت بعيدة منه (فكره رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن تعرى المدينة) بضم أول تعرى ولأبي ذر تعرى بفتحه (وقال): عليه الصلاة والسلام:
(يا بني سلمة ألا تحتسبون آثاركم؟) أي ألا تعدون الأجر في خطاكم إلى المسجد فإن لكل خطوة أجرًا (فأقاموا) في منازلهم وأراد عليه الصلاة والسلام أن تبقى جهات المدينة عامرة بساكنيها ليعظم المسلمون في أعين المنافقين والمشركين إرهابًا لهم وغلظة عليهم.
فإن قلت: لم ترك عليه الصلاة والسلام التعليل بذلك وعلل بمزيد الأجر لبني سلمة؟ أجيب: بأنه ذكر لهم المصلحة الخاصة بهم ليكون ذلك أدعى لهم على الموافقة وأبعث على نشاطهم إلى البقاء في ديارهم، وعلى هذا فهمه البخاري، ولذا ترجم عليه ترجمتين: إحداهما في صلاة الجماعة باب احتساب الآثار، والأخرى كراهة الرسول أن تعرى المدينة.
12 - باب
هذا (باب) بالتنوين من غير ترجمة فهو كالفصل مما قبله.
1888 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي».
وبالسند قال: (حدّثنا مسدد) بالسين المهملة بعد الميم المضمومة وتشديد المهملة الأولى ابن مسرهد (عن يحيى) بن سعيد القطان (عن عبيد الله بن عمر) بضم العين وفتح الموحدة مصغرًا العمري (قال: حدثني) بالإفراد (خبيب بن عبد الرحمن) بضم الخاء المعجمة وفتح الموحدة الأولى وهو خال عبيد الله (عن حفص بن عاصم) أي ابن عمر بن الخطاب (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة) حقيقة بأن يكون مقتطعًا منها كما أن الحجر الأسود والنيل والفرات منها أو مجازًا بأن يكون من إطلاق اسم المسبب على السبب فإن ملازمة ذلك المكان للعبادة سبب في نيل الجنة وهذا فيه نظر إذ لا اختصاص لذلك بتلك البقعة على غيرها أو هي كروضة من رياض الجنة في نزول الرحمة وحصول السعادة أو أن تلك البقعة تنقل بعينها فتكون روضة من رياض الجنة ولا مانع من الجمع فهي من الجنة، والعمل فيها يوجب لصاحبه روضة في الجنة وتنقل هي أيضًا إلى الجنة. وفي رواية ابن عساكر: وقبري بدل بيتي.
قال الحافظ ابن حجر: وهو خطأ فقد تقدم هذا الحديث في كتاب الصلاة قبيل الجنائز بهذا الإسناد بلفظ بيتي وكذلك هو في مسند مسدد شيخ البخاري فيه، نعم وقع في