على المفعولية، ولأبوي ذر والوقت: لا يدخل مكة سلاح بفتح الياء من يدخل وسلاح بالرفع بيدخل (إلا في القراب) بكسر القاف ليكون علمًا وإمارة للسلم إذ كان دخولهم صلحًا.
وقد أورد المؤلّف هذا الحديث هنا مختصرًا وساقه بتمامه في كتاب الصلح عن عبيد الله بن موسى بإسناده هذا، وكذا أخرجه الترمذي، ومطابقته للترجمة في قوله لا يدخل مكة سلاحًا لأنه لو كان حمل السلاح غير جائز مطلقًا عند الضرورة وغيرها ما قاضى أهل مكة عليه.
وَإِنَّمَا أَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالإِهْلاَلِ لِمَنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ. وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْحَطَّابِينَ وَغَيْرِهِمْ
(باب) جواز (دخول) أرض (الحرم و) دخول (مكة) من عطف الخاص على العام (بغير إحرام) لمن لم يرد الحج أو العمرة (ودخل ابن عمر) فيما وصله مالك في الموطأ مكة لما جاءه بقديد خبر الفتنة وكان خرج منها فرجع إليها حلالاً ولم يذكر المفعول.
قال المؤلّف: (وإنما أمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالإهلال لمن أراد الحج والعمرة) وأشار به إلى أن من دخل مكة غير مريد للحج والعمرة فلا شيء عليه وهو مذهب الشافعية لقوله في حديث ابن عباس ممن أراد الحج والعمرة والمشهور عن الأئمة الثلاثة الوجوب، (ولم يذكر) عليه الصلاة والسلام ولأبي الوقت: ولم يذكره بضمير المفعول أي لم يذكر الإحرام (للحطابين) الذين يجلبون الحطب إلى مكة
للبيع (وغيرهم) بالجر عطفًا على السابق المجرور باللام، ولأبي ذر: الحطابين وغيرهم بالنصب عطفًا على المفعول السابق، والمراد بالغير من يتكرر دخوله كالحشاشين والسقائين.
1845 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَّتَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ".
وبالسند قال: (حدّثنا مسلم) هو ابن إبراهيم القصاب قال: (حدّثنا وهيب) بضم الواو وفتح الهاء مصغرًا ابن خالد قال: (حدّثنا ابن طاوس) عبد الله (عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما) (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقت لأهل المدينة ذا الحليفة) مفعول وقت والحليفة بضم الحاء المهملة وفتح اللام أصله تصغيرًا لحلفة واحدة الحلفاء وهو النبات المعروف وهو موضع بينه وبين المدينة ستة أميال كما رجحه النووي (ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم) بفتح التحتية واللامين وسكون الميم الأولى، ولأبوي ذر والوقت: ألملم بهمزة بدل التحتية وهو الأصل (هن لهنّ ولكل آت أتى عليهن من غيرهم) بضمير المذكرين في هذا الأخير والمؤنثات في الثلاثة السابقة، وفي باب مهل أهل مكة في أوائل كتاب الحج من غيرهنّ بضمير المؤنثات فالأول والثالث والرابع للمواقيت والثاني لأهلها وكان حقه أن يكون للمذكرين، وأجاب ابن مالك بأنه عدل إلى ضمير المؤنثات لقصد التشاكل (من) ولأبي ذر عن الكشميهني: ممن (أراد الحج والعمرة) الواو بمعنى أو أو المراد إراداتهما معًا على جهة القران (فمن كان دون ذلك) المذكور (فمن حيث أنشأ) أي النسك (حتى) ينشئ (أهل مكة) حجهم (من مكة) أما العمرة فمن أدنى الحل لقصة عائشة.
1846 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه-: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: اقْتُلُوهُ". [الحديث 1846 - أطرافه في: 3044، 4286، 5808].
وبه قال (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) هو ابن أنس الإمام (عن ابن شهاب) الزهري (عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دخل عام الفتح) مكة (وعلى رأسه المغفر) بكسر الميم وسكون الغين المعجمة وفتح الفاء زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس أو رفرف البيضة أو ما غطى الرأس من السلاح كالبيضة، ولا تعارض بينه وبين رواية مسلم من حديث جابر، وعليه عمامة سوداء، فإنه يحتمل أن يكون المغفر فوق العمامة السوداء وقاية لرأسه المكرم من صدأ الحديد أو هي فوق المغفر فأراد أنس بذكر المغفر كونه دخل متأهبًا للحرب، وأراد جابر بذكر العمامة كونه غير محرم أو كان أوّل دخوله على رأسه المغفر ثم أزاله ولبس العمامة بعد
ذلك فحكى كل منهما ما رآه، وستر الرأس يدل على أنه دخل غير محرم، لكن قال ابن دقيق العيد: يحتمل أن يكون محرمًا وغطى رأسه لعذر تعقب بتصريح جابر وغيره بأنه لم يكن محرمًا. واستشكل في المجموع ذلك لأن مذهب الشافعي أن مكة فتحت صلحًا خلافًا لأبي حنيفة في قوله إنها فتحت عنوة وحينئذ فلا خوف، ثم أجاب بأنه عليه الصلاة والسلام صالح أبا سفيان وكان لا يأمن غدر أهل مكة فدخلها صلحًا متأهبًا للقتال