سيقيل والوجه الثاني قابل بالموحدة وهو ضعيف وغريب وتصحيف وإن صح فمعناه أن تعهن موضع مقابل السقيا.
وقال في المفهم: وتبعه في التنقيح وهو قائل اسم فاعل من القول ومن القائلة أيضًا والأول هو المراد هنا والسقيا مفعول بفعل مضمر كأنه كان بتعهن وهو يقول لأصحابه اقصدوا السقيا.
قال في المصابيح: يصح كل من الوجهين أي القول والقائلة فإنه أدركه في وقت قيلولته وهو عازم على المسير إلى السقيا إما بقرينة حالية أو مقالية ولا مانع من ذلك أصلاً. اهـ.
فليتأمل قوله: فإنه أدركه وقت قيلوته فإن لقي أبي قتادة الغفاري كان في جوف الليل، وقصة الحمار كانت بالقاحة كما سيأتي إن شاء الله تعالى بعد باب وهي على نحو ميل من السقيا إلى جهة المدينة، فالظاهر أن لقي الغفاري له -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما كان ليلاً لا نهارًا.
قال أبو قتادة: فسرت فأدركته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فقلت: يا رسول الله إن أهلك) أي أصحابك كما في رواية مسلم، وأحمد (يقرؤون عليك السلام ورحمة الله إنهم قد خشوا) بكسر همزة أن، وفي حديث الباب اللاحق وأنهم بالواو وخشوا بفتح الخاء وضم الشين المعجمتين (أن يقتطعوا) بضم أوله وفتح ثالثه مبنيًا للمفعول أي يقتطعهم العدو (دونك فانتظرهم) بصيغة الأمر من الانتظار أي انتظر أصحابك زاد في رواية الباب اللاحق ففعل. (قلت يا رسول الله أصبت حمار وحش وعندي منه) قطعة فضلت منه فهي (فاضلة) بألف بين الفاء والضاد المعجمة أي باقية (فقال): عليه الصلاة والسلام (للقوم):
(كلوا) أي من الفضلة (وهم محرمون) والأمر بالأكل للإباحة، وفي رواية أبي حازم المنبه عليها في هذا الباب إشارة إلى أن تمني المحرم أن يقع من الحلال الصح ليأكل الحرم منه لا يقدح في إحرامه.
وحديث الباب أخرجه المؤلّف أيضًا في الحج والهبة والأطعمة والمغازي والجهاد والذبائح، ومسلم في الحج وكذا أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وسياق عبد الله له هنا يقتضي كونه مرسلاً حيث قال: انطلق أبي عام الحديبية.
هذا (باب) بالتنوين (إذا رأى المحرمون صيدا) وفيهم رجل حلال (فضحكوا) تعجبًا من عروض الصيد مع عدم التعرض له مع قدرتهم على صيده (ففطن الحلال) بفتح الطاء وكسرها أي
فهم لا يكون ضحكهم إشارة منهم إلى الحلال بالصيد حتى إذا اصطاد ذلك الحلال الصيد لا يلزم المحرمين الذين ضحكوا شيء.
1822 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ: "انْطَلَقْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ أُحْرِمْ، فَأُنْبِئْنَا بِعَدُوٍّ بِغَيْقَةَ، فَتَوَجَّهْنَا نَحْوَهُمْ، فَبَصُرَ أَصْحَابِي بِحِمَارِ وَحْشٍ، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ، فَنَظَرْتُ فَرَأَيْتُهُ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ الْفَرَسَ، فَطَعَنْتُهُ فَأَثْبَتُّهُ، فَاسْتَعَنْتُهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي، فَأَكَلْنَا مِنْهُ. ثُمَّ لَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ، أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وَأَسِيرُ عَلَيْهِ شَأْوًا. فَلَقِيتُ رَجُلاً مِنْ بَنِي غِفَارٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَقَالَ: تَرَكْتُهُ بِتَعْهِنَ، وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا. فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَصْحَابَكَ أَرْسَلُوا يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ وَبَرَكَاتِهِ، وَإِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يَقْتَطِعَهُمُ الْعُدُوُّ دُونَكَ، فَانْظُرْهُمْ، فَفَعَلَ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا اصَّدْنَا حِمَارَ وَحْشٍ، وَإِنَّ عِنْدَنَا فَاضِلَةً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَصْحَابِهِ: كُلُوا، وَهُمْ مُحْرِمُونَ".
وبالسند قال: (حدّثنا سعيد بن الربيع) بفتح الراء وكسر الموحدة وسكون المثناة التحتية الهروي نسبة لبيع الثياب الهروية قال: (حدّثنا علي بن المبارك) النهائي (عن يحيى) بن أي كثير (عن عبد الله بن أبي قتادة أن أباه) أبا قتادة الحرث بن ربعي (حدثه، قال: انطلقنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام الحديبية فأحرم أصحابه ولم أحرم) أنا (فأنبئنا) بضم الهمزة مبنيًا للمفعول أي أخبرنا (بعدوّ) للمسلمين (بغيقة) بغين معجمة فمثناة تحتية ساكنة فقاف مفتوحة موضع من بلاد بني غفار بين الحرمين. وقال في القاموس موضع بظهر حرة النار لبني ثعلبة بن سعد، (فتوجّهنا نحوهم) بأمره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلما رجعنا إلى القاحة (فبصر) بضم الصاد المهملة (أصحابي) الذين كانوا معي في كشف العدو (بحمار وحش) ولأبي ذر عن الكشميهني: فنظر أصحابي لحمار وحش بالنون والظاء المعجمة المفتوحتين من النظر ولحمار باللام بدل الموحدة كذا في فرع اليونينية وغيره، فقول العيني كالحافظ ابن حجر فعلى هذه الرواية أي رواية نظر بالنون والظاء المشالة دخول الباء في بحمار مشكل. وأجاب: بأن يكون ضمن نظر معنى بصر أو الباء بمعنى إلى على مذهب من يقول أن الحروف ينوب بعضها عن بعض يدل على أنه لم يستحضر إذ ذاك كونها باللام في الرواية المذكورة.
قال في الفتح: وقد بين محمد بن جعفر في روايته عن أبي حازم عن عبد الله بن أبي قتادة كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الهبة أن قصة صيده الحمار كانت بعد أن اجتمعوا بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه ونزلوا في بعض المنازل ولفظه: كنت يومًا جالسًا مع رجال من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ