الذي خرج له ولحق أبو قتادة وأصحابه به عليه الصلاة والسلام قال أبو قتادة: (فبينما) بالميم وللكشميهي: فبينا (أنا مع أصحابي) والذي في الفرع وأصله: فبينا أبي مع أصحابه فيكون من قول ابن أبي قتادة حال كونهم (يضحك بعضم إلى بعض) أي منتهيًا أو ناظرًا إليه، ويضحك فعل مضارع كذا لأبي الوقت ولغيره فضحك بالفاء بدل الياء والفعل ماض، وفي
الفرع تضحك بمثناة فوقية وفتح الضاد وتشديد الحاء من التفعل، وإنما كان ضحكهم تعجبًا من عروض الصيد مع عدم تعرضهم له لا إشارة منهم، ولا دلالة لأبي قتادة على الصيد. وفي حديث أبي قتادة السابق: وجاء أبو قتادة وهو حل فنكسوا رؤوسهم كراهية أن يحدّوا أبصارهم له فيفطن فيراه، وفي رواية حديث الباب التالي فبصر أصحابي بحمار وحش فجعل بعضهم يضحك إلى بعض. زاد في رواية أبي حازم: وأحبوا أني لو أبصرته، (فنظرت فإذا أنا بحمار وحش) بالإضافة وفيه على رواية فبينا أبى التفات إذ كان مقتضاها أن يقول فنظر، وفي رواية محمد بن جعفر فقمت إلى الفرس فأسرجته فركبت ونسيت السوط والرمح فقلت لهم: ناولوني السوط والرمح فقالوا: لا والله لا نعينك عليه بشيء فغضبت فنزلت فأخذتهما ثم ركبت، (فحملت عليه) أي على الحمار الوحشي (فطعنته فأثبته) بالمثلثة ثم بالموحدة ثم بالمثناة أي جعلته ثابتًا في مكانه لا حراك به (واستعنت بهم) في حمله (فأبوا أن يعينوني) في رواية أبي النضر فأتيت إليهم فقلت لهم: قوموا فاحملوا، فقالوا: لا نمسه فحملته حتى جئتهم به (فأكلنا من لحمه) - وفي رواية فضيل عن أبي حازم: فأكلوا فندموا، وفي رواية محمد بن جعفر عن أبي حازم فوقعوا يأكلون منه ثم أنهم شكوا في أكلهم إياه وهم حرم فرحنا وخبأت العضد معي، وفي رواية مالك عن أبي النضر فأكل منه بعضهم وأبى بعضهم. (وخشينا أن نقتطع) بضم أوّله مبنيًّا للمفعول، وفي رواية علي بن المبارك عن يحيى عند أبي عوانة: وخشينا أن يقتطعنا العدوّ أي عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لكونه سبقهم وتأخروا هم للراحة بالقاحة الموضع الذي وقع به صيد الحمار كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وفي رواية أبي النضر الآتية إن شاء الله تعالى في الصيد فأبى بعضهم أن يأكل فقلت أنا أستوقف لكم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأدركته فحدثته الحديث، فمفهوم هذا أن سبب إسراع أبي قتادة لإدراكه عليه الصلاة والسلام أن يستفتيه عن قضية أكل الحمار، ومفهوم حديث أبي عوانة أنه لخشيته على أصحابه إصابة العدو قال في الفتح: ويمكن الجمع بأن يكون ذلك بسبب الأمرين.
(فطلبت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أرفع) بضم الهمزة وفتح الراء وكسر الفاء المشددة، وفي بعض الأصول أرفع بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح الفاء (فرسي) أي أكلفه السير الشديد (شأوًا) بفتح الشين المعجمة وسكون الهمزة ثم واو أي تارة (وأسير) بسهولة (شأوًا) أي أخرى (فلقيت رجلاً من بني كفار) بكسر الغين المعجمة ولم يقف الحافظ ابن حجر على اسمه (في جوف الليل قلت) له (أين تركت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قال: تركته بتعهن) بموحدة مكسورة فمثناة فوقية مفتوحة فعين مهملة ساكنة فهاء مكسورة ثم نون لأبي ذر، وللكشميهني: بتعهن بكسر الفوقية والهاء. وقال في القاموس: وتعهن مثلثة الأول مكسورة الهاء وفي فرع اليونينية وأصلها ضمة فوق الهاء بالحمرة تحت الفتحة وهي عين ماء على ثلاثة أميال من السقيا. (وهو) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (قايل السقيا) بضم السين المهملة وإسكان القاف ثم مثناة تحتية مفتوحة مقصور قرية جامعة بين مكة والمدينة وهي من أعمال الفرع بضم الفاء
وسكون الراء آخره عين مهملة. وقايل بالمثناة التحتية من غير همز كما في الفرع وصحيح عليه وفي غيره بالهمزة.
وقال النووي: روي بوجهين أصحهما وأشهرهما بهمزة بين الألف واللام من القيلولة أي تركته بتعهن وفي عزمه أن يقتل بالسقيا ومعنى قايل