وبالحاء المهملة البعير الذي يستقى عليه (فركبه أبو فلان وابنه لزوجها) أبي سنان (وابنها) سنان. وفي النسائي والطبراني في قصة تشبه هذه اسمها أم معقل زينب وزوجها أو معقل الهيثم ووقع مثله لأم طليق وأبي طليق عند ابن أبي شيبة وابن السكن، وعند ابن
حبان في صحيحه قالت أم سليم: حج أبو طلحة وابنه وتركاني، ونحوه عند ابن أبي شيبة من وجه آخر عن عطاء والابن المذكور الظاهر أنه أنس لأن أبا طلحة لم يكن له ابن كبير يحج فيكون المراد بالابن أنسًا مجازًا، ويؤيد ذلك أن في حديث البخاري أنها من الأنصار وليست أم معقل أنصارية، بل وفي سنن أبي داود أن أبا معقل لم يحج معهم بل تأخر لمرضه فمات، وأما أم سنان فهي أنصارية أيضًا، وبالجملة فيحتمل أنها وقائع متعددة لمن ذكر هنا والضمير في قوله لزوجها وابنها للمرأة المذكورة من الأنصار، ولمسلم ناضحان كانا لأبي فلان زوجها حج هو وابنه على أحدهما.
(وترك ناضحًا ننضح عليه). بفتح الضاد في الفرع وغيره وضبطه الحافظ ابن حجر والعيني بالكسر كالنووي في شرح مسلم (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(فإذا كان رمضان) بالرفع على أن كان تامة، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فإذا كان في رمضان (اعتمري) وفي نسخة: فاعتمري (فيه، فإن عمرة في رمضان حجة) (أو نحوًا مما قال) وللمستملي: أو نحوًا من ذلك، وسقط في رواية ابن عساكر قوله مما قال، وحجة بالرفع خبر إن أي كحجة في الفضل، ولمسلم فإن عمرة فيه تعدل حجة ولعل هذا هو السبب في قول المؤلّف أو نحوًا مما قال. وقال المظهري في قوله: تعدل حجة أي تقابل وتماثل في الثواب لأن الثواب يفضل بفضيلة الوقت. وقال الطيبي: هذا من باب المبالغة وإلحاق الناقص بالكامل ترغيبًا وبعثًا عليه وإلا كيف يعدل ثواب العمرة ثواب الحج، قال ابن خزيمة رحمه الله: إن الشيء يشبه بالشيء ويجعل عدله إذا أشبهه في بعض المعاني لا جميعها لأن العمرة لا يقضى بها فرض الحج ولا النذر اهـ.
وقول الزركشي كابن بطال: أن الحج الذي ندبها إليه تطوّعًا لأن العمرة لا تجزئ عن حجة الفريضة، ردّه ابن المنير فقال: هو وهم من ابن بطال لأن حجة الوداع أول حج أقيم في الإسلام، وقد تقدم أن حج أبي بكر كان إنذارًا ولم يكن فرض الإسلام قال فعلى هذا يستحيل أن تكون المرأة كانت قامت بوظيفة الحج بعد لأن أول حج لم تحضره هي ولم يأت زمان ثان عند قوله عليه الصلاة والسلام لها ذلك، وما جاء الحج الثاني إلا والرسول عليه الصلاة والسلام قد توفي فإنما أراد عليه الصلاة والسلام أن يستحثها على استدراك ما فاتها من البدر ولا سيما الحج معه عليه الصلاة والسلام لأن فيه مزية على غيره اهـ.
وتعقبه الحافظ ابن حجر فقال: وما قاله غير مسلم إذ لا مانع أن تكون حجت مع أبي بكر فسقط عنها الفرض بذلك بني على أن الحج إنما فرض في السنة العاشرة حتى يسلم مما يرد على مذهبه من القول بأن الحج على الفور.
وقال ابن التين: يحتمل أن يكون قوله حجة على بابه، ويحتمل أن يكون لبركة رمضان، ويحتمل أن يكون مخصوصًا بهذه المرأة اهـ.
وفي رواية أحمد بن منيع قال سعيد بن جبير: ولا نعلم هذا إلا لهذه المرأة وحدها. وقال ابن الجوزي: فيه أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت كما يزيد بحضور القلب وخلوص القصد اهـ.
وقال غيره لما ثبت أن عمره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كانت كلها في ذي القعدة تردّد لبعض أهل العلم في أن أفضل أوقات العمرة أشهر الحج أو رمضان ففي رمضان ما تقدم مما يدل على الأفضلية، لكن فعله عليه الصلاة والسلام لما لم يقع إلا في أشهر الحج كان ظاهرًا أنه أفضل إذ لم يكن الله سبحانه وتعالى يختار لنبيه إلا ما هو الأفضل، أو أن رمضان أفضل لتنصيصه عليه الصلاة والسلام على ذلك فتركه لاقترانه بأمر يخصه كاشتغاله بعبادات أخرى في رمضان تبتلاً وأن لا يشق على أمته فإنه لو اعتمر فيه لخرجوا معه ولقد كان بهم رؤوفًا رحيمًا، وقد أخبر في بعض العبادات أنه تركها لئلا يشق على أمته مع محبته لذلك كالقيام في رمضان بهم ومحبته لأنه يستقي بنفسه سقاة زمزم كيلا يغلبهم الناس على سقايتهم، والطي يظهر أن العمرة في رمضان لغيره عليه الصلاة والسلام أفضل، وأما في حقه هو