(عن حماد) وهو ابن زيد (الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله) بدون واو وهو أصوب والإيمان بالجر بدل من قوله في السابق بأربع، وقوله شهادة بالجر على البدلية أيضًا وبالرفع فيهما لأبي ذر مبتدأ وخبر.
1399 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه-، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ، فَقَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ". [الحديث 1399 - أطرافه في: 1457، 6924، 7284].
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان الحكم بن نافع) البهراني الحمصي (قال: أخبرنا شعيب بن أبي حمزة) بالحاء المهملة والزاي الأموي مولاهم الحمصي واسم أبيه دينار (عن) ابن شهاب (الزهري قال: حدّثنا عبيد الله) بالتصغير (ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود) المدني (أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكان أبو بكر رضي الله عنه) خليفة بعده (وكفر من كفر من العرب) بعض بعبادة الأوثان، وبعض بالرجوع إلى اتباع مسيلمة وهم أهل اليمامة وغيرهم، واستمر بعض على الإيمان إلا أنه منع الزكاة وتأول أنها خاصة بالزمن النبوي لأنه تعالى قال: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] الآية. فغيره عليه الصلاة والسلام لا يطهرهم ولا يصلّي عليهم فتكون صلاته سكنًا لهم. (فقال عمر) بن الخطاب رضي الله عنه لأبي بكر رضي الله عنه (كيف تقاتل الناس)؟ وفي حديث أنس: أتريد أن تقاتل العرب (وقد قال: رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(أمرت) بضم الهمزة مبنيًا للمفعول أي أمرني الله (أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله) وكأن عمر رضي الله عنه لم يستحضر من هذا الحديث إلا هذا القدر الذي ذكره، وإلاَّ فقد وقع في حديث ولده عبد الله زيادة وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة. وفي رواية العلاء بن عبد الرحمن: حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بما جئت به وهذا يعم الشريعة كلها. ومقتضاه أن من جحد شيئًا مما جاء به -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ودعي إليه فامتنع ونصب القتال تجب مقاتلته وقتله إذا أصرّ (فمن قالها) أي كلمة التوحيد مع لوازمها (فقد عصم مني ماله ونفسه) فلا يجوز هدر دمه واستباحة ماله
بسبب من الأسباب (إلا بحقه) أي بحق الإسلام من قتل النفس المحرمة أو ترك الصلاة أو منع الزكاة بتأويل باطل (وحسابه على الله) فيما يسره فيثيب المؤمن ويعاقب المنافق، فاحتج عمر رضي الله عنه بظاهر ما استحضره مما رواه من قبل أن ينظر إلى قوله "إلاَّ بحقه" ويتأمل شرائطه.
1400 - "فَقَالَ: وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ. وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ -رضي الله عنه-: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ -رضي الله عنه- فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ". [الحديث 1400 - أطرافه في: 1456، 6925، 7285].
(فقال) له أبو بكر رضي الله عنه: (والله لأقاتلن من فرق) بتشديد الراء وقد تخفف (بين الصلاة والزكاة) أي: قال أحدهما واجب دون الآخر أو منع من إعطاء الزكاة متأولاً كما مر (فإن الزكاة حق المال) كما أن الصلاة حق البدن. أي: فدخلت في قوله إلا بحقه فقد تضمنت عصمة دم ومال معلقة باستيفاء شرائطها والحكم المعلق بشرطين لا يحصل بأحدهما والآخر معدوم، فكما لا تتناول العصمة من لم يؤدّ حق الصلاة كذلك لا تتناول العصمة من لم يؤد حق الزكاة، وإذا لم تتناولهم العصمة بقوا في عموم قوله: "أمرت أن أقاتل الناس" فوجب قتالهم حينئذ، وهذا من لطيف النظر أن يقلب المعترض على المستدل دليله فيكون أحق به، ولذلك فعل أبو بكر فسلم له عمر وقاسه على الممتنع من الصلاة لأنها كانت بالإجماع من رأي الصحابة، فرد المختلف فيه إلى المتفق عليه فاجتمع في هذا الاحتجاج من عمر بالعموم ومن أبي بكر بالقياس فدلّ على أن العموم يخص بالقياس، وفيه دلالة على أن العمرين لم يسمعا من الحديث الصلاة والزكاة كما سمعه غيرهما أو لم يستحضراه إذ لو كان ذلك لم يحتج عمر على أبي بكر، ولو سمعه أبو بكر لردّ به على عمر ولم يحتج إلى الاحتجاج بعموم قوله: إلا بحقه، لكن يحتمل أن يكون سمعه واستظهر بهذا الدليل النظري، ويحتمل كما قال الطيبي: أن يكون عمر ظن أن المقاتلة إنما كانت لكفرهم لا لمنعهم الزكاة فاستشهد بالحديث، وأجابه الصديق: بأني ما أقاتلهم لكفرهم بل لمنعهم الزكاة (والله لو منعوني عناقًا) بفتح العين المهملة الأنثى من المعز (كانوا يؤدونها إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقاتلتهم على منعها. قال عمر رضي الله عنه: فوالله ما هو إلا أن قد) سقط لفظة: "قد" في رواية أبي ذر (شرح الله صدر أبي