شاع عند كثير من أهل الحديث، كابن منده مقالة: "يكفي من الحديث شمُّه" يكفي من الحديث شمه، يعني يكفي من سماعه الشمُّ، ما يحتاج أن تسمع الحديث كاملاً، وهذا لكل الناس؟ أو للماهر في الصناعة الذي حفظ من الأحاديث القدر الكبير جداً، الذي يكفيه أن يذكر له طرف الحديث، ويترك؟ بعض الناس يكفيه شم الحديث، يكفيه شم المسائل العلمية –أيضاً- يسمك طرف المسألة اتركه بس، فإذا مسك طرف الحديث خلاص يكفي هذا، يكفيه الشم، لماذا؟ لأن عنده رصيد كافٍ لمثل هذا، أما الشخص الذي يلقن كلمة كلمة، فإذا لقن الأولى ضاعت الثانية، وإذا لقن الثانية ضاعت الأولى، هذا ما يكفيه، ولا إيش؟ ما يكفيه، ولا أكله أكل لمَّا، لا يكفيه شمَّا، وهذا يذكرنا باعتراض للعيني على ابن حجر في مسألة في العربية، وقال: إن هذا الكلام لا يقوله من شمَّ أدنى رائحة لعلم العربية، صاحب "المحاكمات المبتكرات اللآلئ والدرر" لما ذكر الحافظ، وذكر كلام العيني، ووازن بينهما، ونقل ما يؤيد كلام الحافظ من كلام الأئمة، قال: فتبين بهذا أن الحافظ أكل العربية أكلاً لما، ولم يكتفي بشمها شمَّا، فنعم الناس يتفاوتون بعض الناس ما يكفيه، ولا تلقين، كلمة كلمة، وعسى، ولا تكثر عليه، تملي عليه جملتين متواليتين، بل يملى عليه كلمة كلمة، وعسى يضبط، وبعض الناس أبداً تعطيه طرف البيت، ويكمل طرف الحديث، ويكمل، وهكذا، طرف المسالة، ويتصورها، وهذا ينتفع بمثل هذا في حال المذاكرة مع الشيوخ، أو مع الأقران:
وكل ذا تساهل وقولهم: ... يكفي من الحديث شمه فهم
يعني القائلون من ذلك إنما:
عنوا إذا أول شيء سئلا ... . . . . . . . . .
عنوا به إذا أول شيء أي طرف الحديث سئل عنه المحدث عرفه، ولذلك كثير من الأحاديث لا يؤتى بلفظها، لا يؤتى بها بلفظها، إنما قال: سمع الحسن من سمرة حديث العقيقة، ما يحتاج أن تأتي بالحديث كاملاً، علقمة سمع من عمر حديث الأعمال بالنيات، ويكفي، فإذا أردت أن تسرد الكلام بالتفصيل تأتي بالحديث كاملاً، ويكفيك من هذا شمه، يكفيك ما يدل على المقصود:
عنوا إذا أول شيء سئلا ... . . . . . . . . .
يعني عنه محدث طرف الحديث:
. . . . . . . . . ... عرفه وما عنوا تسهلا